responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 207
فَفِرْيَةٌ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ مُعَاوِيَةَ، بَلْ هُوَ وَاحِدٌ مِنْ كُتَّابِ الْوَحْيِ. وَأَمَّا عبد الله بن سعد بن أبي سرح فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَافْتَرَى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ إِنَّهُ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((إِنَّهُ نَزَلَ فِيهِ: {وَلَكِنْ مَّن شرح بالكفر صدراً} [1] الآية.
فَهُوَ بَاطِلٌ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، لَمَّا أُكره عمَّار وَبِلَالٌ عَلَى الْكُفْرِ. وَرِدَّةُ هَذَا كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَلَوْ قُدِّر أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ؛ فَالنَّبِيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - قَبِل إسلامه وبايعه.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ سُنَّتِي)) فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ. وَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا، فَأَخَذَ مُعَاوِيَةُ بِيَدِ ابْنِهِ يَزِيدَ وَخَرَجَ وَلَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَعَنَ اللَّهُ الْقَائِدَ وَالْمَقُودَ، أَيُّ يَوْمٍ يَكُونُ لِلْأُمَّةِ مع معاوية ذي الإساءة)) .
فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ أَوَّلًا: نَحْنُ نُطَالِبُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ؛ فَإِنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ. وَنَحْنُ نَقُولُ هَذَا فِي مَقَامِ الْمُنَاظَرَةِ، وَإِلَّا فَنَحْنُ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ كَذِبٌ.
وَيُقَالُ ثَانِيًا: هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْكَذِبِ الْمَوْضُوعِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ دَوَاوِينِ الْحَدِيثِ الَّتِي يُرجع إِلَيْهَا فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ، وَلَا لَهُ إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ.
وهذا المحتج به لم يذكر له إسناد. ثُمَّ مِنْ جَهْلِهِ أَنْ يَرْوِيَ مِثْلَ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ ثَلْبِ الصَّحَابَةِ، وَأَرْوَى النَّاسِ لِمَنَاقِبِهِمْ، وَقَوْلُهُ فِي مَدْحِ مُعَاوِيَةَ مَعْرُوفٌ ثَابِتٌ عَنْهُ، حَيْثُ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْوَد مِنْ مُعَاوِيَةَ. قِيلَ لَهُ: وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ فَقَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ خَيْرًا مِنْهُ، وَمَا رَأَيْتُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْوَدَ من معاوية.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: السَّيِّدُ الْحَلِيمُ يَعْنِي مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ كَرِيمًا حَلِيمًا.
ثُمَّ إِنَّ خُطَبَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً، بَلْ كَانَ يَخْطُبُ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمُعَاوِيَةُ وَأَبُوهُ يَشْهَدَانِ الْخُطَبَ، كَمَا يَشْهَدُهَا الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ. أَفَتَرَاهُمَا فِي كُلِّ خُطْبَةٍ كَانَا يَقُومَانِ ويُمَكَّنان مِنْ ذَلِكَ؟ هَذَا قَدْحٌ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِذْ يمكِّنون اثْنَيْنِ

[1] الآية 106 من سورة النحل.
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست