responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 202
ثُمَّ هَذَا يُوجِبُ مِنَ الْفَسَادِ وَالْهَرَجِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ وِلَايَةِ كُلِّ ظَالِمٍ، فَكَيْفَ يَأْمُرُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَيْءٍ يَكُونُ فِعْلُهُ أَعْظَمَ فَسَادًا مِنْ تَرْكِهِ؟ !
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((إِنَّهُ الطَّلِيقُ ابْنُ الطَّلِيقِ)) .
فَهَذَا لَيْسَ نَعْتُ ذَمٍّ، فَإِنَّ الطُّلَقَاءَ هُمْ مُسْلِمَةُ الْفَتْحِ، الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَأَطْلَقَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانُوا نَحْوًا مَنْ ألفَىْ رَجُلٍ، وَفِيهِمْ مَنْ صَارَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، كَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَسَهْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي كَانَ يَهْجُوهُ ثُمَّ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَعَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ الَّذِي وَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ لَمَّا فَتَحَهَا، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ ممن حَسُنَ إسلامه.
وَمُعَاوِيَةُ مِمَّنْ حَسُن إِسْلَامُهُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَلِهَذَا وَلَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَوْضِعَ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا مَاتَ أَخُوهُ يَزِيدُ بِالشَّامِ،
وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، وَكَانَ أَحَدَ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لِفَتْحِ الشَّامِ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، مَعَ أَبِي عُبيدة بْنِ الْجَرَّاحِ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَلَمَّا تُوُفِّي يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَلَّى عُمَرُ مكانه أخاه معاوية، وعمر لم تكن تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يُحَابِي فِي الْوِلَايَةِ، وَلَا كَانَ مِمَّنْ يُحِبُّ أَبَا سُفْيَانَ أَبَاهُ، بَلْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ عَدَاوَةً لِأَبِيهِ أَبِي سُفْيَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، حَتَّى إِنَّهُ لَمَّا جَاءَ بِهِ الْعَبَّاسُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ كَانَ عُمَرُ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِهِ، حَتَّى جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ نَوْعٌ مِنَ الْمُخَاشَنَةِ بِسَبَبِ بُغْضِ عُمَرَ لِأَبِي سُفْيَانَ. فَتَوْلِيَةُ عُمَرَ لِابْنِهِ مُعَاوِيَةَ لَيْسَ لَهَا سَبَبٌ دنيوي، ولولا استحقاقه للإمارة لما أمّره.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((كَانَ مُعَاوِيَةُ مِنَ المؤَلَّفة قُلُوبُهُمْ)) .
نعم وَأَكْثَرُ الطُّلَقَاءِ كُلِّهِمْ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، كَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَابْنِ أَخِيهِ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَهَؤُلَاءِ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ. والمؤلَّفة قُلُوبُهُمْ غَالِبُهُمْ حسُن إِسْلَامُهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يُسلم أَوَّلَ النَّهَارِ رَغْبَةً مِنْهُ فِي الدُّنْيَا، فَلَا يَجِيءُ آخِرُ النَّهَارِ إِلَّا وَالْإِسْلَامُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.

اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست