responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 193
أوْلى وأحرى.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عثمان)) .
فجوابه مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: أَوَّلًا: هَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ وأَبينه؛ فَإِنَّ جَمَاهِيرَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَأْمُرُوا بِقَتْلِهِ، وَلَا شَارَكُوا فِي قَتْلِهِ، وَلَا رَضُوا بِقَتْلِهِ.
أما أولا: فلأن أَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُونُوا بِالْمَدِينَةِ، بَلْ كَانُوا بِمَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَالشَّامِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَخُرَاسَانَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ خِيَارَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي دم عثمان لَا قَتَلَ وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ مِنْ أَوْبَاشِ القبائل وأهل الفتن، وكان علي ّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحْلِفُ دَائِمًا: ((إِنِّي مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ وَلَا مَالَأْتُ عَلَى قَتْلِهِ)) وَيَقُولُ: ((اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ والسهل والجبل)) . وغاية ما يقال: إنهم لن يَنْصُرُوهُ حَقَّ النُّصْرَةِ، وَأَنَّهُ حَصَلَ نَوْعٌ مِنَ الْفُتُورِ وَالْخِذْلَانِ، حَتَّى تَمَكَّنَ أُولَئِكَ الْمُفْسِدُونَ. وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَاتٌ، وَمَا كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ الْأَمْرَ يَبْلُغُ إِلَى مَا بَلَغَ، وَلَوْ عَلِمُوا ذلك لسدّوا الذريعة وحسموا مادة الفتنة.
الثاني: أَنَّ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةَ فِي غَايَةِ التَّنَاقُضِ وَالْكَذِبِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّاسَ أَجْمَعُوا عَلَى بَيْعَةِ عُثْمَانَ مَا لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى قَتْلِهِ؛ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ بَايَعُوهُ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ. فَإِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِالْإِجْمَاعِ الظَّاهِرِ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ بَيْعَتُهُ حَقًّا لِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا. وَإِنْ لَمْ يَجُزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، بَطَلَتْ حُجَّتُهُمْ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى قَتْلِهِ. لَا سِيَّمَا وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ قَتْلَهُ إِلَّا طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ. ثُمَّ إِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْإِجْمَاعَ عَلَى بَيْعَتِهِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا بَايَعَ أَهْلُ الْحَقِّ مِنْهُمْ خَوْفًا وَكُرْهًا. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَوِ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى قَتْلِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: كَانَ أَهْلُ الْحَقِّ كَارِهِينَ لِقَتْلِهِ لَكِنْ سَكَتُوا خَوْفًا وتقيَّة عَلَى أَنْفُسِهِمْ، لَكَانَ هَذَا أَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ، لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ بِأَنَّ مَنْ يُرِيدُ قَتَلَ الْأَئِمَّةَ يُخِيفُ مَنْ يُنَازِعُهُ، بِخِلَافِ مَنْ يُرِيدُ مُبَايَعَةَ الْأَئِمَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يُخِيفُ الْمُخَالِفَ، كَمَا يُخِيفُ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَإِنَّ الْمُرِيدِينَ لِلْقَتْلِ أَسْرَعُ إِلَى الشَّرِّ وَسَفْكِ الدماء وإخافة الناس من المريدين للمبايعة.
قُدِّر أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ ظَهْرَ مِنْهُمُ الْأَمْرُ بقتله، فكيف وجمهورهم أنكروا قتله،

اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 193
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست