responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 89
لَهُ الدِّينَ} فَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - هُوَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ لِذَاتِهِ. قَالَ تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فَذَكَرَ (الْحَمْدَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الَّتِي تَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ كُلَّهُ لِلَّهِ ثُمَّ حَصَرَهُ فِي قَوْلِهِ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . فَهَذَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْبُودَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ أَحَدٌ سِوَاهُ فَقَوْلُهُ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ} إشَارَةٌ إلَى عِبَادَتِهِ بِمَا اقْتَضَتْهُ إلَهِيَّتُهُ: مِنْ الْمَحَبَّةِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إشَارَةٌ إلَى مَا اقْتَضَتْهُ الرُّبُوبِيَّةُ مِنْ التَّوَكُّلِ وَالتَّفْوِيضِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ الرَّبَّ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هُوَ الْمَالِكُ وَفِيهِ أَيْضًا مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ وَالْإِصْلَاحِ. وَالْمَالِكُ: الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مُلْكِهِ كَمَا يَشَاءُ. فَإِذَا ظَهَرَ لِلْعَبْدِ مِنْ سِرِّ الرُّبُوبِيَّةِ أَنَّ الْمُلْكَ وَالتَّدْبِيرَ كُلَّهُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فَلَا يَرَى نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَلَا حَرَكَةً وَلَا سُكُونًا وَلَا قَبْضًا وَلَا بَسْطًا وَلَا خَفْضًا وَلَا رَفْعًا إلَّا وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فَاعِلُهُ وَخَالِقُهُ وَقَابِضُهُ وَبَاسِطُهُ وَرَافِعُهُ وَخَافِضُهُ فَهَذَا الشُّهُودُ هُوَ سِرُّ الْكَلِمَاتِ الْكَوْنِيَّاتِ. وَهُوَ عِلْمُ صِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ. وَالْأَوَّلُ هُوَ عِلْمُ صِفَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَهُوَ كَشْفُ سِرِّ الْكَلِمَاتِ التَّكْلِيفِيَّاتِ فَالتَّحْقِيقُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ يَكُونُ عَنْ كَشْفِ عِلْمِ الْإِلَهِيَّةِ. وَالتَّحْقِيقُ بِالتَّوَكُّلِ وَالتَّفْوِيضِ وَالتَّسْلِيمِ: يَكُونُ بَعْدَ كَشْفِ عِلْمِ الرُّبُوبِيَّةِ

اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست