responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 47
الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: أَنَّ الْقُنُوتَ وَالِاسْتِلَامَ وَالتَّسْبِيحَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّ سُجُودَ الْكَارِهِ وَذُلَّهُ وَانْقِيَادَهُ لِمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ مِنْهُ مِنْ عَافِيَةٍ وَمَرَضٍ وَغِنًى وَفَقْرٍ، وَكَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} . قَالَ: تَسْبِيحُهُ دَلَالَتُهُ عَلَى صَانِعِهِ فَتُوجِبُ بِذَلِكَ تَسْبِيحًا مِنْ غَيْرِهِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهَا تَسْبِيحًا وَسُجُودًا بِحَسَبِهَا. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فَقْرَ الْمَخْلُوقَاتِ إلَى الْخَالِقِ وَدَلَالَتَهَا عَلَيْهِ وَشَهَادَتَهَا لَهُ أَمْرٌ فِطْرِيٌّ فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ عِبَادَهُ، كَمَا أَنَّهُ فَطَرَهُمْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ بِدُونِ هَذِهِ الْآيَاتِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي مَوَاضِعَ، وَبُيِّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ دَلَالَةِ الْآيَاتِ وَدَلَالَةِ الْقِيَاسِ الشُّمُولِيِّ وَالتَّمْثِيلِيِّ فَإِنَّ الْقِيَاسَ الْبُرْهَانِيَّ الْعَقْلِيَّ سَوَاءٌ صِيغَ بِلَفْظِ الشُّمُولِ كَالْأَشْكَالِ الْمَنْطِقِيَّةِ، أَوْ صِيغَ بِلَفْظِ التَّمْثِيلِ، وَبُيِّنَ أَنَّ الْجَامِعَ هُوَ عِلَّةُ الْحُكْمِ وَيَلْزَمُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ أَيْنَمَا وُجِدَ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى صُورَةِ الْقِيَاسَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْمُحْدَثَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ هُوَ عِلْمٌ فِطْرِيٌّ ضَرُورِيٌّ فِي الْمُعَيَّنَاتِ الْجُزْئِيَّةِ، وَأَبْلَغُ مِمَّا هُوَ فِي الْقَضِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ، فَإِنَّ الْكُلِّيَّاتِ إنَّمَا تَصِيرُ كُلِّيَّاتٍ فِي الْعَقْلِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ جُزْئِيَّاتِهَا فِي الْوُجُودِ، وَكَذَلِكَ عَامَّةُ الْقَضَايَا الْكُلِّيَّةِ الَّتِي يَجْعَلُهَا كَثِيرٌ مِنْ النُّظَّارِ الْمُتَكَلِّمَةِ والمتفلسفة أُصُولَ عِلْمِهِمْ، كَقَوْلِهِمْ، الْكُلُّ أَعْظَمُ مِنْ الْجُزْءِ أَوْ النَّقِيضَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ، وَالْأَشْيَاءُ الْمُسَاوِيَةُ لِشَيْءِ وَاحِدٍ مُتَسَاوِيَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ أَيُّ كُلِّيٍّ تَصَوَّرَهُ الْإِنْسَانُ عَلِمَ أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ جُزْئِيِّهِ، وَإِنْ لَمْ تَخْطُرْ لَهُ الْقَضِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ بَدَنَ الْإِنْسَانِ بَعْضُهُ أَكْثَرُ مِنْ بَعْضٍ وَأَنَّ الدِّرْهَمَ أَكْبَرُ مِنْ بَعْضِهِ، وَأَنَّ الْمَدِينَةَ أَكْثَرُ مِنْ بَعْضِهَا

اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست