responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 35
فَإِذَا تَدَبَّرَ الْإِنْسَانُ حَالَ نَفْسِهِ وَحَالَ جَمِيعِ النَّاسِ؛ وَجَدَهُمْ لَا يَنْفَكُّونَ عَنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ: لَا بُدَّ لِلنَّفْسِ مِنْ شَيْءٍ تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ وَتَنْتَهِي إلَيْهِ مَحَبَّتُهَا؛ وَهُوَ إلَهُهَا. وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ شَيْءٍ تَثِقُ بِهِ وَتَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي نَيْلِ مَطْلُوبِهَا هُوَ مُسْتَعَانُهَا؛ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَإِذًا فَقَدْ يَكُونُ عَامًّا وَهُوَ الْكُفْرُ، كَمَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ مُطْلَقًا، وَسَأَلَ غَيْرَ اللَّهِ مُطْلَقًا، مِثْلَ عُبَّادِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ مِنْهُمْ الْحَاجَاتِ، وَيَفْزَعُونَ إلَيْهِمْ فِي النَّوَائِبِ. وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا فِي الْمُسْلِمِينَ، مِثْلَ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حُبُّ الْمَالِ، أَوْ حُبُّ شَخْصٍ، أَوْ حَبُّ الرِّيَاسَةِ، حَتَّى صَارَ عَبْدَ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيلَةِ: إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ مُنِعَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ} وَكَذَلِكَ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الثِّقَةُ بِجَاهِهِ وَمَالِهِ، بِحَيْثُ يَكُونُ عِنْدَهُ مَخْدُومُهُ مِنْ الرُّؤَسَاءِ وَنَحْوِهِمْ، أَوْ خَادِمُهُ مِنْ الْأَعْوَانِ وَالْأَجْنَادِ وَنَحْوِهِمْ، أَوْ أَصْدِقَائِهِ أَوْ أَمْوَالِهِ هِيَ الَّتِي تَجْلِبُ الْمَنْفَعَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَتَدْفَعُ الْمَضَرَّةَ الْفُلَانِيَّةَ، فَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَيْهَا وَمُسْتَعِينٌ بِهَا وَالْمُسْتَعَانُ هُوَ مَدْعُوٌّ وَمَسْئُولٌ. وَمَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَلْزِمُ الْعِبَادَةُ الِاسْتِعَانَةَ، فَمَنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْقَلْبُ فِي رِزْقِهِ وَنَصْرِهِ وَنَفْعِهِ وَضُرِّهِ؛ خَضَعَ لَهُ وَذَلَّ؛ وَانْقَادَ وَأَحَبَّهُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ لَمْ يُحِبَّهُ لِذَاتِهِ لَكِنْ قَدْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْحَالُ حَتَّى يُحِبَّهُ لِذَاتِهِ، وَيَنْسَى مَقْصُودَهُ مِنْهُ؛ كَمَا يُصِيبُ كَثِيرًا مِمَّنْ يُحِبُّ الْمَالَ أَوْ يُحِبُّ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْعِزُّ وَالسُّلْطَانُ. وَأَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ الْقَلْبُ وَأَرَادَهُ وَقَصَدَهُ؛ فَقَدْ لَا يَسْتَعِينُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا اسْتَشْعَرَ قُدْرَتَهُ عَلَى تَحْصِيلِ مَطْلُوبِهِ؛ كَاسْتِشْعَارِ الْمُحِبِّ قُدْرَةَ الْمَحْبُوبِ عَلَى وَصْلِهِ

اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست