responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 244
وَمَنْ عَرَفَ مُرَادَ الْأَنْبِيَاءِ وَمُرَادَهُمْ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ ذَاكَ مِثْلَ أَنْ يَعْلَمَ مُرَادَهُمْ بِالْعَقْلِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ مُقَارِنٌ عِنْدَهُمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ أَزَلًا وَأَبَدًا وَأَنَّهُ مُبْدِعٌ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ أَوْ بِتَوَسُّطِهِ حَصَلَ كُلُّ مَا سِوَاهُ وَالْعَقْلُ الْفَعَّالُ عِنْدَهُمْ عَنْهُ يُصْدِرُ كُلَّ مَا تَحْتَ فَلَكِ الْقَمَرِ وَيُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَهُمْ مَنْ هُوَ رَبُّ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ وَلَا رَبُّ كُلِّ مَا تَحْتَ فَلَكِ الْقَمَرِ وَلَا مَنْ هُوَ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ. وَيُعْلَمُ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي يُرْوَى {أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ} حَدِيثٌ بَاطِلٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فَإِنَّ لَفْظَهُ {أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ} بِنَصْبِ الْأَوَّلِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ {فَقَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ. فَقَالَ: وَعِزَّتِي مَا خَلَقْت خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيَّ مِنْك فَبِك آخُذُ وَبِك أُعْطِي وَبِك الثَّوَابُ وَبِك الْعِقَابُ} وَرُوِيَ {لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلَ} فَالْحَدِيثُ لَوْ كَانَ ثَابِتًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَاطَبَ الْعَقْلَ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِ خَلْقِهِ وَأَنَّهُ خُلِقَ قَبْلَ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ تَحْصُلُ بِهِ هَذِهِ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ لَا كُلُّ الْمَصْنُوعَاتِ. وَ " الْعَقْلُ " فِي لُغَةِ الْمُسْلِمِينَ مَصْدَرُ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا يُرَادُ بِهِ الْقُوَّةُ الَّتِي بِهَا يَعْقِلُ وَعُلُومٌ وَأَعْمَالٌ تَحْصُلُ بِذَلِكَ لَا يُرَادُ بِهَا قَطُّ فِي لُغَةٍ: جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ هَذَا الْمَعْنَى بِلَفْظِ الْعَقْلِ. مَعَ أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ فَسَادَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ وَأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمُجَرَّدَاتِ وَالْمُفَارَقَاتِ يَنْتَهِي أَمْرُهُمْ فِيهِ إلَى إثْبَاتِ النَّفْسِ الَّتِي تُفَارِقُ الْبَدَنَ بِالْمَوْتِ وَإِلَى إثْبَاتِ مَا تُجَرِّدُهُ النَّفْسُ مِنْ الْمَعْقُولَاتِ الْقَائِمَةِ بِهَا؛ فَهَذَا مُنْتَهَى مَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ الْحَقِّ فِي هَذَا الْبَابِ.

اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست