responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 24
وَهُوَ يُحِبُّ ذَلِكَ، وَيَرْضَى بِهِ؛ وَيَرْضَى عَنْ أَهْلِهِ، وَيَفْرَحُ بِتَوْبَةِ مَنْ عَادَ إلَيْهِ؛ كَمَا أَنَّ فِي ذَلِكَ لَذَّةَ الْعَبْدِ وَسَعَادَتَهُ وَنَعِيمَهُ؛ وَقَدْ بَيَّنْتُ بَعْضَ مَعْنَى مَحَبَّةِ اللَّهِ لِذَلِكَ وَفَرَحِهِ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَلَيْسَ فِي الْكَائِنَاتِ مَا يَسْكُنُ الْعَبْدُ إلَيْهِ وَيَطْمَئِنُّ بِهِ، وَيَتَنَعَّمُ بِالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ؛ إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ؛ وَمَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ وَإِنْ أَحَبَّهُ وَحَصَلَ لَهُ بِهِ مَوَدَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَنَوْعٌ مِنْ اللَّذَّةِ فَهُوَ مَفْسَدَةٌ لِصَاحِبِهِ أَعْظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ الْتِذَاذِ أَكْلِ طَعَامِ الْمَسْمُومِ {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} فَإِنَّ قِوَامَهُمَا بِأَنْ تَأَلَّهَ الْإِلَهُ الْحَقُّ فَلَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ غَيْرُ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ إلَهًا حَقًّا؛ إذْ اللَّهُ لَا سَمِيَّ لَهُ وَلَا مِثْلَ لَهُ؛ فَكَانَتْ تَفْسُدُ لِانْتِفَاءِ مَا بِهِ صَلَاحُهَا، هَذَا مِنْ جِهَةِ الْإِلَهِيَّةِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الرُّبُوبِيَّةِ فَشَيْءٌ آخَرُ؛ كَمَا نُقَرِّرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ فَقْرَ الْعَبْدِ إلَى اللَّهِ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فَيُقَاسُ بِهِ؛ لَكِنْ يُشْبِهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ حَاجَةَ الْجَسَدِ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ وَبَيْنَهُمَا فُرُوقٌ كَثِيرَةٌ. فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْعَبْدِ قَلْبُهُ وَرُوحُهُ، وَهِيَ لَا صَلَاحَ لَهَا إلَّا بِإِلَهِهَا اللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ: فَلَا تَطْمَئِنُّ فِي الدُّنْيَا إلَّا بِذِكْرِهِ: وَهِيَ كَادِحَةٌ إلَيْهِ كَدْحًا فَمُلَاقِيَتُهُ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ لِقَائِهِ، وَلَا صَلَاحَ لَهَا إلَّا بِلِقَائِهِ. وَلَوْ حَصَلَ لِلْعَبْدِ لَذَّاتٌ أَوْ سُرُورٌ بِغَيْرِ اللَّهِ فَلَا يَدُومُ ذَلِكَ، بَلْ يَنْتَقِلُ مِنْ نَوْعٍ إلَى نَوْعٍ، وَمِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ، وَيَتَنَعَّمُ بِهَذَا فِي وَقْتٍ وَفِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَتَارَةً أُخْرَى يَكُونُ ذَلِكَ الَّذِي يَتَنَعَّمُ بِهِ وَالْتَذَّ غَيْرَ مُنْعِمٍ لَهُ وَلَا مُلْتَذٍّ لَهُ، بَلْ قَدْ

اسم الکتاب : مجموع الفتاوى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست