responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 125
وذلك لأن خلو الموصوف عن الضدين اللذين لا ثالث لهما مع قبوله لهما ممتنع في العقول، وبهذا يتبين أن الحي القابل للسمع والبصر والكلام إما أن يتصف بذلك، وإما أن يتصف بضده وهو الصمم والبكم والخرس، ومن قدّر خلوه عنهما فهو مشابه للقرامطة الذين قالوا لا يوصف بأنه حي ولا ميت ولا عالم ولا جاهل ولا قادر ولا عاجز، بل قالوا: لا يوصف بالإيجاب ولا بالسلب، لا يقال: هو حي عالم ولا يقال: ليس بحي عالم، ولا يقال: هو عليم قدير ولا يقال: ليس بقدير عليم، ولا يقال: هو متكلم مريد ولا يقال: ليس بمتكلم مريد.
قالوا لأن من الإثبات تشبيها بما تثبت له هذه الصفات وفي النفي تشبيه له بما ينفي عنه هذه الصفات، وقد قاربهم في ذلك من قال من متكلمة الظاهرية [1] كابن حزم [2] أن أسماءه الحسنى كالحي والعليم والقدير بمنزلة أسماء الأعلام التي لا تدل على حياة ولا علم ولا قدرة وقال: لا فرق بين الحي وبين العليم وبين القدير في المعنى أصلا، ومعلوم أن مثل هذه المقالات سفسطة في العقليات وقرمطة في السمعيات فإنا نعلم بالاضطرار الفرق بين الحي والقدير والعليم والملك والقدوس والغفور.
وإن العبد إذا قال: رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور كان قد أحسن في مناجاة ربه وإذا قال: اغفر لي وتب عليّ إنك أنت الجبار المتكبر الشديد العقاب لم يكن محسنا في مناجاته، وإن الله أنكر على المشركين الذين امتنعوا من تسميته بالرحمن فقال تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (60) [3] وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (180) [4] وقال تعالى: كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ

[1] الظاهرية تنسب إلى الإمام داود بن علي بن خلف أبو سليمان البغدادي المعروف بالأصبهاني رئيس أهل الظاهر ولد سنة مائتين ومات سنة سبعين ومائتين.
انظر ترجمته في السير (13/ 97) وتاريخ بغداد (8/ 369 - 375) والبداية والنهاية (11/ 47 - 48) وشذرات الذهب (2/ 158 - 159).
[2] هو الإمام البحر ذو الفنون والمعارف أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الفارسي الأصل ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي صاحب التصانيف ولد سنة أربع وثمانين وثلاث مائة وتوفي سنة ست وخمسين وأربع مائة.
انظر ترجمته في السير (18/ 184) وتذكرة الحفاظ (3/ 1146 - 1155) والبداية والنهاية (12/ 91 - 92) وشذرات الذهب (3/ 299 - 300).
[3] سورة الفرقان، الآية: 60.
[4] سورة الأعراف، الآية: 180.
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست