اسم الکتاب : درء تعارض العقل والنقل المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 210
في صورة الحق، فالظاهر حق، والباطن باطل، ثم قال تعالى {وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} [البقرة: 42] .
وهنا قولان.
قيل: إنه نهاهم عن مجموع الفعلين، وإن الواو واو الجمع التي يسميها نحاة الكوفة واو الصرف، كما في قولهم لاتأكل السمك وتشرب اللبن كما قال تعالى: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} [آل عمران: 142] علي قراءة النصب، وكما في قوله تعالى {أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير * ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص} [الشورى: 34-35] علي قراءة النصب، وعلي هذا فيكون الفعل الثاني في قوله {وتكتموا الحق} منصوباً، والأول مجزوماً.
وقيل: بل الواو هي الواو العاطفة المشركة بين المعطوف والمعطوف عليه، فيكون قد نهي عن الفعلين من غير اشتراط اجتماعهما، كما إذا قيل: لا تكفر وتسرق وتزن.
وهذا هو الصواب، كما في قوله تعالي {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون} [آل عمران: 71] ولو ذمهم علي الاجتماع لقال: وتكتموا الحق بلا نون وتلك الآية نظير هذه.
ومثل هذا الكلام إذا أريد به النهي عن كل من الفعلين فإنه قد يعاد فيه حرف النفي، كما تقول: لا تكفر، ولا تسرق، ولا تزن.
ومنه قوله تعالي {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29] .
اسم الکتاب : درء تعارض العقل والنقل المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 210