responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 355
لِوُجُودِ مَانِعٍ، لَا لِفَوَاتِ شَرْطٍ. فَإِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ سُرَيْجٍ وَطَائِفَةً بَعْدَهُ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إِذَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي أَوْ طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا؛ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهَا طَلَاقٌ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَزِمَ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ، فَإِذَا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ امْتَنَعَ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ، فَيُفْضِي وُقُوعُهُ إِلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ فَلَا يَقَعُ. وَأَمَّا عَامَّةُ فُقَهَاءِ الْإِسْلَامِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، بَلْ رَأَوْهُ مِنَ الزَّلَّاتِ الَّتِي يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ كَوْنُهَا لَيْسَتْ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ؛ حَيْثُ قَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ الطَّلَاقَ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ نِكَاحٍ، وَأَنَّهُ مَا مِنْ نِكَاحٍ إِلَّا وَيُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ.
وَسَبَبُ الْغَلَطِ: أَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا صِحَّةَ هَذَا الْكَلَامِ، فَقَالُوا: إِذَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ، وَهَذَا الْكَلَامُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ طَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثٍ، وَوُقُوعُ طَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثٍ مُمْتَنِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ، وَالْكَلَامُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَإِذَا كَانَ بَاطِلًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ صَحِيحًا.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا: هَلْ يَقَعُ مِنَ الْمُعَلَّقِ تَمَامُ الثَّلَاثِ، أَمْ يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ وَلَا يَقَعُ إِلَّا الْمُنَجَّزُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وأحمد وَغَيْرِهِمَا.
وَمَا أَدْرِي: هَلِ اسْتَحْدَثَ ابن سريج هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِلِاحْتِيَالِ عَلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ، أَمْ قَالَهَا طَرْدًا لِقِيَاسٍ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ، وَاحْتَالَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ؟ لَكِنِّي رَأَيْتُ مُصَنَّفًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ صَنَّفَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَقْصُودُهُ بِهَا الِاحْتِيَالُ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ. وَلِهَذَا صَاغُوهَا بِقَوْلِهِمْ: إِذَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ [قَبْلَهُ] ثَلَاثًا: لَمْ تَنْفَعْهُ هَذِهِ

اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست