responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 352
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ فِي الْأُمَّةِ، لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّهُ كَانَ يُحْلَفُ بِهِ عَلَى عَهْدِ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرُوهَا فِي أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ الَّتِي رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ. وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ وَصَدَقَةِ الْمَالِ، وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. وَإِنِّي لَمْ أَقِفْ إِلَى السَّاعَةِ عَلَى كَلَامٍ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْهُمْ: الْجَوَابُ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
ثُمَّ هَذِهِ الْبِدْعَةُ قَدْ شَاعَتْ فِي الْأُمَّةِ وَانْتَشَرَتِ انْتِشَارًا عَظِيمًا، ثُمَّ لَمَّا اعْتَقَدَ مَنِ اعْتَقَدَ: أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهَا لَا مَحَالَةَ، صَارَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَا مِنَ الْأَغْلَالِ عَلَى الْأُمَّةِ مَا هُوَ شَبِيهٌ بِالْأَغْلَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَفَاسِدِ وَالْحِيَلِ فِي الْأَيْمَانِ، حَتَّى اتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا.
وَذَلِكَ: أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ بِالطَّلَاقِ عَلَى تَرْكِ أُمُورٍ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ فِعْلِهَا، إِمَّا شَرْعًا وَإِمَّا طَبْعًا [وَعَلَى فِعْلِ أُمُورٍ يَمْتَنِعُ فِعْلُهَا شَرْعًا أَوْ طَبْعًا] وَغَالِبُ مَا يَحْلِفُونَ بِذَلِكَ فِي حَالِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، ثُمَّ فِرَاقُ الْأَهْلِ فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا يَزِيدُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَغْلَالِ الْيَهُودِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا حَرَّمَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، لِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ إِلَى الطَّلَاقِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَفْسَدَةِ، فَإِذَا حَلَفُوا بِالطَّلَاقِ عَلَى الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ أَوِ الْمَمْنُوعَةِ، وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَى فِعْلِ تِلْكَ الْأُمُورِ أَوْ تَرْكِهَا مَعَ عَدَمِ فِرَاقِ الْأَهْلِ، فَقَدْ قَدَحَتِ الْأَفْكَارُ لَهُمْ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْحِيَلِ، أُخِذَتْ عَنِ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ:
الْحِيلَةُ الْأُولَى فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ: فَيُتَأَوَّلُ لَهُمْ خِلَافُ مَا قَصَدُوهُ وَخِلَافُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَلَامِ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ. وَهَذَا هُوَ

اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 352
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست