responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 343
نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكُ» .
فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ هَذَا الَّذِي حَلَفَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَنَذَرَ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ: بِأَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَأَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ الْمَنْذُورَ. وَاحْتَجَّ بِمَا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَا يَمِينَ عَلَيْكَ وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكُ» ".
فَفُهِمَ مِنْ هَذَا: أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ قَطِيعَةٍ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ النَّذْرِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا أَفْتَاهُ عمر. وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا النَّذْرَ كَانَ عِنْدَهُ يَمِينًا لَمْ يَقُلْ لَهُ: " كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ "، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَمِينَ وَلَا نَذْرَ» ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَا قُصِدَ بِهَا الْحَضُّ أَوِ الْمَنْعُ، وَالنَّذْرُ: مَا قُصِدَ بِهِ التَّقَرُّبُ، وَكِلَاهُمَا لَا يُوَفَّى بِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ وَالْقَطِيعَةِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَمِينَ وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ» " يَعُمُّ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى يَمِينًا أَوْ نَذْرًا، سَوَاءٌ كَانَتِ الْيَمِينُ بِاللَّهِ، أَوْ كَانَتْ بِوُجُوبِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ مِنَ الصَّدَقَةِ أَوِ الصِّيَامِ أَوِ الْحَجِّ أَوِ الْهَدْيِ، أَوْ كَانَتْ بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ، كَالظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ.
وَمَقْصُودُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ عَنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالْقَطِيعَةِ فَقَطْ، أَوْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا فِي الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ مِنَ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ.
وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ، لِاسْتِدْلَالِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهِ، فَإِنَّهُ

اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 343
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست