responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 339
مِنَ اللَّهِ حَيْثُ عَلَّقَ الْإِيمَانَ بِأَمْرٍ مَعْدُومٍ وَالْكُفْرِ بِأَمْرٍ مَوْجُودٍ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ.
وَطَرْدُ هَذَا الْمَعْنَى: أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ إِذَا كَانَتْ فِي النَّذْرِ أَوِ الطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ: وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِهِ وَلَمْ تَرْفَعْهُ الْكَفَّارَةُ، كَمَا يَقَعُ الْكُفْرُ بِذَلِكَ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ. وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِهِمْ: الْمُرَادُ بِهِ الْيَمِينُ الْمَشْرُوعَةُ.
وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 224] [الْبَقَرَةِ] ، فَإِنَّ السَّلَفَ مُجْمِعُونَ - أَوْ كَالْمُجْمِعِينَ - عَلَى أَنَّ مَعْنَاهَا: لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ مَانِعًا لَكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ بِهِ مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، بِأَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَعْرُوفًا مُسْتَحَبًّا أَوْ وَاجِبًا، أَوْ لَيَفْعَلَنَّ مَكْرُوهًا حَرَامًا أَوْ نَحْوَهُ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: افْعَلْ ذَلِكَ، أَوْ لَا تَفْعَلْ هَذَا، قَالَ: قَدْ حَلَفْتُ بِاللَّهِ، فَيَجْعَلُ اللَّهَ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ.
فَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ نَهَى عِبَادَهُ أَنْ يَجْعَلُوا نَفْسَهُ مَانِعًا لَهُمْ بِالْحَلِفِ بِهِ مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، فَالْحَلِفُ بِهَذِهِ الْأَيْمَانِ - إِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْحَلِفِ - وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فَهُوَ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا، مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى. فَإِنَّهُ إِذَا نَهَى عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ سُبْحَانَهُ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا أَنْ نَبَرَّ وَنَتَّقِيَ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى أَنْ نَكُونَ مَنْهِيِّينَ عَنْ جَعْلِهِ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّنَا مَنْهِيُّونَ عَنْ أَنْ نَجْعَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا أَنْ نَبَرَّ وَنَتَّقِيَ وَنُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِمَا فِي الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَأْمُرُ بِهِ.

اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست