responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 333
وَهُنَا سُؤَالٌ مِمَّنْ يَقُولُ: كُلُّ يَمِينٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ لَهَا وَلَا حِنْثَ.
فَيُقَالُ: لَفْظُ الْيَمِينِ يَشْمَلُ هَذَا كُلَّهُ، بِدَلِيلِ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ اسْمَ الْيَمِينِ فِي هَذَا كُلِّهِ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّذْرُ حَلْفَةٌ» ، وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ لِمَنْ حَلَفَ بِالْهَدْيِ وَالْعِتْقِ: " كَفِّرْ يَمِينَكَ "، وَكَذَلِكَ فَهِمَتْهُ الصَّحَابَةُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَنَذْكُرُهُ، وَلِإِدْخَالِ الْعُلَمَاءِ لِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» .
وَيَدُلُّ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] ، ثُمَّ قَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] ، فَاقْتَضَى هَذَا: أَنَّ نَفْسَ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ يَمِينٌ، كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَسَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ: إِمَّا تَحْرِيمُهُ الْعَسَلَ، وَإِمَّا تَحْرِيمُهُ مارية القبطية، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ: فَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ يَمِينٌ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ يَمِينًا بِاللَّهِ؛ وَلِهَذَا أَفْتَى جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ - كعمر وعثمان، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَغَيْرُهُمْ -: أَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ: إِمَّا كَفَّارَةٌ كُبْرَى كَالظِّهَارِ، وَإِمَّا كَفَّارَةٌ صُغْرَى كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ. وَمَا زَالَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ الظِّهَارَ وَنَحْوَهُ يَمِينًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ: لِمَ تُحَرِّمُهُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ، وَإِمَّا لِمَ تُحَرِّمُهُ بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ وَنَحْوِهَا، وَإِمَّا لِمَ تُحَرِّمُهُ مُطْلَقًا؟ فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ أَوِ الثَّالِثُ: فَقَدْ ثَبَتَ [أَنَّ] تَحْرِيمَهُ بِغَيْرِ الْحَلِفِ بِاللَّهِ يَمِينٌ [فَيَعُمُّ] . وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمُهُ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ،

اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست