responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 140
فَلَمْ تُحَرِّمْ أُصُولُ الشَّرِيعَةِ الِاحْتِيَاطَ، وَلَمْ تُوجِبْ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ كَأَوَّلِ النَّهَارِ، وَلَوْ شَكَّ فِي طُلُوعِ النَّهَارِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ، وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بِقَصْدِ الصَّوْمِ، وَلِأَنَّ الْإِغْمَامَ أَوَّلَ الشَّهْرِ كَالْإِغْمَامِ بِالشَّكِّ، بَلْ يُنْهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، لِمَا يُخَافُ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْفَرْضِ.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: يَجْتَمِعُ غَالِبُ الْمَأْثُورِ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ. فَإِنَّ الْجَمَاعَاتِ الَّذِينَ صَامُوا مِنْهُمْ - كعمر، وعلي، ومعاوية، وَغَيْرِهِمْ - لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْوُجُوبِ، وَغَالِبُ الَّذِينَ أَفْطَرُوا لَمْ يُصَرِّحُوا بِالتَّحْرِيمِ.
وَلَعَلَّ مَنْ كَرِهَ الصَّوْمَ مِنْهُمْ إِنَّمَا كَرِهَهُ لِمَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، خَشْيَةَ إِيجَابِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ. كَمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ مِنْهُمُ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ لِمَنْ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ وَجُوبَهُ، وَكَمَا أَمَرَ طَائِفَةً مِنْهُمْ مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقْضِيَ لِمَا ظَنُّوهُ (بِهِ) مِنْ كَرَاهَةِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ عَائِدَةً إِلَى حَالِ الْفَاعِلِ، لَا إِلَى نَفْسِ الِاحْتِيَاطِ بِالصَّوْمِ. فَإِنَّ تَحْرِيمَ الصَّوْمِ أَوْ إِيجَابَهُ كِلَيْهِمَا فِيهِ بُعْدٌ عَنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ. وَالْأَحَادِيثُ الْمَأْثُورَةُ فِي الْبَابِ إِذَا تُؤُمِّلَتْ إِنَّمَا يُصَرِّحُ غَالِبُهَا بِوُجُوبِ الصَّوْمِ بَعْدَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ، كَمَا دَلَّ بَعْضُهَا عَلَى الْفِعْلِ قَبْلَ الْإِكْمَالِ. أَمَّا الْإِيجَابُ قَبْلَ الْإِكْمَالِ لِلصَّوْمِ فَفِيهَا نَظَرٌ.
فَهَذَا الْقَوْلُ الْمُتَوَسِّطُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ غَالِبُ نُصُوصِ أحمد.
وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ وَاسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ لَكَانَ (أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ) بِالتَّحْرِيمِ أَوِ الْإِيجَابِ، (وَالَّذِي) يُؤْثَرُ عَنِ الصِّدِّيقِ (وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَكِنْ (لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ إِذَا شَكَّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ) .

اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست