responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 471
وَقَدْ جَمَعَ سُبْحَانَهُ بَيْنَ الْعُكُوفِ، وَالطَّوَافِ، وَالصَّلَاةِ فِي الْأَمْرِ بِتَطْهِيرِ بَيْتِهِ، بِقَوْلِهِ: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26] .
فَمَنْعُهُ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ تَمَامِ طَهَارَتِهِ، وَالطَّوَافُ كَالْعُكُوفِ لَا كَالصَّلَاةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تُبَاحُ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ، لَا تَخْتَصُّ بِمَسْجِدٍ، وَيَجِبُ لَهَا، وَيَحْرُمُ فِيهَا مَا لَا يَحْرُمُ فِي اعْتِكَافٍ، وَلَا طَوَافٍ.
وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يَفْعَلُهَا الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، لَا تَخْتَصُّ بِالْإِحْرَامِ، وَلِهَذَا كَانَ طَوَافُ الْفَرْضِ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَيَطُوفُ الْحَاجُّ الطَّوَافَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] . فَيَطُوفُ الْحُجَّاجُ وَهُمْ حَلَالٌ، قَدْ قَضَوْا حَجَّهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِمْ مُحَرَّمٌ إلَّا النِّسَاءَ. وَلِهَذَا لَوْ جَامَعَ أَحَدُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَمْ يَفْسُدْ نُسُكُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَإِذَا كَانَتْ عِبَادَةٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَهِيَ عِبَادَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، كَمَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ يَخْتَصُّ بِجَمِيعِ الْمَسَاجِدِ.
وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ بِتَطْهِيرِ بَيْتِهِ لِلطَّائِفِينَ، وَالْعَاكِفِينَ، وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، وَلَيْسَ هُوَ نَوْعًا مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِذَا تَرَكَهُ مِنْ نُسُكِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِذَا تَرَكَ الْوَاجِبَ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ فِي الطَّوَافِ لِلْعَجْزِ فَهَذَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، هَلْ يَلْحَقُ بِمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ، أَوْ يُقَالُ: هَذَا فِيمَنْ تَرَكَ نُسُكًا مُسْتَقِلًّا، أَوْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا عُذْرَ أَوْ تَرَكَ مَا يَخْتَصُّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذِهِ الْعَاجِزَةَ عَنْ الطَّوَافِ مَعَ الطُّهْرِ تَرْجِعُ مُحْرِمَةً، أَوْ تَكُونُ كَالْمُحْصَرِ، أَوْ يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَجُّ، أَوْ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهَا طَوَافُ الْفَرْضِ، فَهَذِهِ أَقْوَالٌ كُلُّهَا مُخَالِفَةٌ لِأُصُولِ الشَّرْعِ، مَعَ أَنِّي لَمْ أَعْلَمْ إمَامًا مِنْ الْأَئِمَّةِ صَرَّحَ بِشَيْءٍ مِنْهَا فِي هَذِهِ

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 471
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست