responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 453
بِدُونِ طَهَارَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ، وَغُسْلُهَا وَوُضُوءُهَا لَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْحَدَثِ الْمُسْتَمِرِّ، بِخِلَافِ غُسْلِهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ غُسْلُ نَظَافَةٍ، كَمَا يُغْتَسَلُ لِلْجُمُعَةِ. وَلِهَذَا هَلْ يُتَيَمَّمُ لِمِثْلِ هَذِهِ الْأَغْسَالِ، إذَا عُدِمَ الْمَاءُ، عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَكَذَلِكَ هَلْ يَتَيَمَّمُ الْمَيِّتُ إذَا تَعَذَّرَ غُسْلُهُ، عَلَى قَوْلَيْنِ، لَيْسَ هَذَا الْغُسْلُ، وَالْجَنَابَةُ، وَالْوُضُوءُ مِنْ الْحَدَثِ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْغُسْلِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَلَمَّا نُهِيَتْ عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَيْضِ دُونَ الْأَذْكَارِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: سَائِرُ الْأَذْكَارِ تُبَاحُ لِلْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ، فَلَا حَظْرَ فِي ذَلِكَ. قِيلَ: الْجُنُبُ مَمْنُوعٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَيُكْرَهُ لَهُ الْآذَانُ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَالْخُطْبَةِ، وَكَذَلِكَ النَّوْمُ بِلَا وُضُوءٍ، وَكَذَلِكَ فِعْلُ الْمَنَاسِكِ بِلَا طَهَارَةٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا، وَالْمُحْدِثُ أَيْضًا تُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهَارَةُ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنِّي كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» ، وَالْحَائِضُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ بِدُونِهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، السُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ فِي مَنْعِهَا مِنْ الْقُرْآنِ سُنَّةٌ أَصْلًا، فَإِنَّ قَوْلَهُ: «لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، رَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَحَادِيثُهُ عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ يَغْلَطُ فِيهَا كَثِيرًا. وَلَيْسَ لِهَذَا أَصْلٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا عَنْ نَافِعٍ، وَلَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَصْحَابُهُمْ الْمَعْرُوفُونَ بِنَقْلِ السُّنَنِ عَنْهُمْ.
وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ يَحِضْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِنَّ كَالصَّلَاةِ، لَكَانَ هَذَا مَا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمَّتِهِ، وَتَعْلَمُهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْقُلُونَهُ إلَى النَّاسِ، فَلَمَّا لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ نَهْيًا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُجْعَلَ حَرَامًا لِلْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ مَعَ كَثْرَةِ الْحَيْضِ فِي زَمَنِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ.
وَهَذَا كَمَا اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ الْمَنِيَّ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَكَانَ يَأْمُرُ الصَّحَابَةَ بِإِزَالَتِهِ مِنْ

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 453
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست