responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 432
مُرَادُهُمْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى كَوْنِهَا مِنْ فِضَّةٍ، بَلْ هَذَا يُسَمُّونَهُ فِي مِثْلِ هَذَا ضَرُورَةً، وَالضَّرُورَةُ تُبِيحُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُفْرَدًا وَتَبَعًا، حَتَّى لَوْ احْتَاجَ إلَى شَدِّ أَسْنَانِهِ بِالذَّهَبِ، أَوْ اتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ جَازَ، كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، مَعَ أَنَّهُ ذَهَبٌ وَمَعَ أَنَّهُ مُفْرَدٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَشْرَبُهُ إلَّا فِي إنَاءِ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، جَازَ لَهُ شُرْبُهُ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا يَقِيهِ الْبَرْدَ، أَوْ يَقِيهِ السِّلَاحَ، أَوْ يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، إلَّا ثَوْبًا مِنْ حَرِيرٍ مَنْسُوجٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، جَازَ لَهُ لُبْسُهُ، فَإِنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. مَعَ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمَطَاعِمِ أَشَدُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْمَلَابِسِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْخَبَائِثِ بِالْمُمَازَجَةِ وَالْمُخَالَطَةِ لِلْبَدَنِ، أَعْظَمُ مِنْ تَأْثِيرِهَا بِالْمُلَابَسَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلظَّاهِرِ، وَلِهَذَا كَانَتْ النَّجَاسَاتُ الَّتِي تَحْرُمُ مُلَابَسَتُهَا يَحْرُمُ أَكْلُهَا، وَيَحْرُمُ مِنْ أَكْلِ السَّمُومِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمُضِرَّاتِ، مَا لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَلَا يَحْرُمُ مُبَاشَرَتُهَا. ثُمَّ مَا حَرُمَ لِخَبَثِ جِنْسِهِ أَشَدُّ مِمَّا حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ، وَالْفَخْرِ، وَالْخُيَلَاءِ، فَإِنَّ هَذَا يَحْرُمُ الْقَدْرُ الَّذِي يَقْتَضِي ذَلِكَ مِنْهُ، وَيُبَاحُ لِلْحَاجَةِ، كَمَا أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ لُبْسُ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ لِحَاجَتِهِنَّ إلَى التَّزَيُّنِ، وَحَرُمَ ذَلِكَ عَلَى الرِّجَالِ، وَأُبِيحَ لِلرِّجَالِ مِنْ ذَلِكَ الْيَسِيرِ، كَالْعَلَمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ.
وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، جَوَازَ التَّدَاوِي بِهَذَا الضَّرْبِ دُونَ الْأَوَّلِ، كَمَا رَخَّصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزُّبَيْرِ، وَطَلْحَةَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ مِنْ حَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا. وَنَهَى عَنْ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ، وَقَالَ: «إنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ» . وَنَهَى عَنْ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ.

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست