responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 412
الَّتِي لَا دَمَ مَعَهَا عَلَى رَأْيٍ مُخْتَارٍ، وَالْوَلَدُ طَاهِرٌ، وَتَجِبُ بِالْمَوْتِ، وَلَا يُقَالُ هُوَ نَجِسٌ، وَتَجِبُ بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ طَائِفَةٍ، فَقَوْلُهُمْ: إنَّمَا أَوْجَبَ طَهَارَةَ الْحَدَثِ، أَوْ أَوْجَبَ الِاغْتِسَالَ: نَجِسٌ، مُنْتَقِضُ بِهَذِهِ الصُّوَرِ الْكَثِيرَةِ، فَبَطَلَ طَرْدُهُ، فَإِنْ ضَمُّوا إلَى الْعِلَّةِ كَوْنَهُ خَارِجًا انْتَقَضَ بِالرِّيحِ وَالْوَلَدِ نَقْضًا قَادِحًا.
ثُمَّ يُقَالُ: قَوْلُكُمْ " خَارِجٌ " وَصْفٌ طَرْدِيٌّ، فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِرَازُ بِهِ، ثُمَّ إنَّ عَكْسَهُ أَيْضًا بَاطِلٌ، وَالْوَصْفُ عَدِيمُ التَّأْثِيرِ، فَإِنَّ مَا لَا يُوجِبُ طَهَارَةَ الْحَدَثِ مِنْهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ نَجِسٌ كَالدَّمِ الَّذِي لَمْ يَسِلْ، وَالْيَسِيرِ مِنْ الْقَيْءِ، وَأَيْضًا فَسَيَأْتِي الْفَرْقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَهَذِهِ أَوْجُهٌ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: التَّطْهِيرُ مِنْهُ أَبْعَدُ مِنْ تَطْهِيرِهِ، فَجُمِعَ مَا بَيْنَ مُتَفَاوِتَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ، فَإِنَّ الطَّهَارَةَ مِنْهُ طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ، وَتَطْهِيرُهُ إزَالَةُ خَبَثٍ، وَهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَالْأَسْبَابُ وَالْأَحْكَامُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ دُونَ تِلْكَ. وَهَذِهِ مِنْ بَابِ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَتِلْكَ مِنْ بَابِ اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَهَذِهِ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ، وَقَدْ تُزَالُ تِلْكَ بِغَيْرِ الْمَاءِ فِي مَوَاضِعَ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي مَوَاضِعَ عَلَى رَأْيٍ، وَهَذِهِ يَتَعَدَّى حُكْمُهَا مَحَلَّ سَبَبِهَا إلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَتِلْكَ يَخْتَصُّ حُكْمُهَا بِمَحَلِّهَا، وَهَذِهِ تَجِبُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ السَّبَبِ أَوْ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ، وَتِلْكَ تَجِبُ فِي مَحَلِّ السَّبَبِ فَقَطْ، وَهَذِهِ حِسِّيَّةٌ وَتِلْكَ عَقْلِيَّةٌ، وَهَذِهِ جَارِيَةٌ فِي أَكْثَرِ أُمُورِهَا عَلَى سُنَنِ مَقَايِيسِ الْبَاحِثِينَ، وَتِلْكَ مُسْتَصْعَبَةٌ عَلَى سَيْرِ الْقِيَاسِ، وَهَذِهِ وَاجِبَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي وُجُوبِ الْأُخْرَى خِلَافٌ مَعْلُومٌ، وَهَذِهِ لَهَا بَدَلٌ، وَفِي بَدَلِ تِلْكَ فِي الْبَدَنِ خَاصَّةً خِلَافٌ ظَاهِرٌ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَقِيَاسُ هَذِهِ الطَّهَارَةِ عَلَى تِلْكَ الطَّهَارَةِ كَقِيَاسِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ، وَتِلْكَ عِبَادَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْحَقِيقَتَيْنِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ إلْحَاقُهُ بِالْمَذْيِ، فَقَدْ مَنَعَ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ عَلَى قَوْلٍ بِطَهَارَةِ الْمَذْيِ، وَالْأَكْثَرُونَ سَلَّمُوهُ وَفَرَّقُوا بِافْتِرَاقِ الْحَقِيقَتَيْنِ، فَإِنَّ هَذَا يُخْلَقُ مِنْهُ الْوَلَدُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِنْسَانِ وَذَلِكَ بِخِلَافِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ عَدَمَ الْإِمْنَاءِ عَيْبٌ يُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مُنْشَؤُهَا عَلَى أَنَّهُ نَقْصٌ،

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست