responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 394
وَأَمَّا اخْتِصَاصُهَا بِالْحَدِّ، فَإِنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يُوجِبُ الْحَدَّ فِي الْمَيْتَةِ أَيْضًا، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، لَكِنْ الْفَرْقُ أَنَّ فِي النُّفُوسِ دَاعِيًا طَبِيعِيًّا، وَبَاعِثًا إرَادِيًّا إلَى الْخَمْرِ. فَنُصِبَ رَادِعٌ شَرْعِيٌّ وَزَاجِرٌ دُنْيَوِيٌّ أَيْضًا لِيَتَقَابَلَا، وَيَكُونُ مَدْعَاةً إلَى قِلَّةِ شُرْبِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُهَا مِمَّا لَيْسَ فِي النُّفُوسِ إلَيْهِ كَثِيرُ مَيْلٍ، وَلَا عَظِيمُ طَلَبٍ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: مَا رَوَى حَسَّانُ بْنُ مُخَارِقٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «اشْتَكَتْ بِنْتٌ لِي فَنَبَذْت لَهَا فِي كُوزٍ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَغْلِي، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْت إنَّ بِنْتِي اشْتَكَتْ فَنَبَذْنَا لَهَا هَذَا، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِي حَرَامٍ» . رَوَاهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» وَصَحَّحَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ: أَنَّ رَجُلًا وُصِفَ لَهُ ضُفْدَعٌ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ، فَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ وَقَالَ: «إنَّ نَقْنَقَتَهَا تَسْبِيحٌ» . فَهَذَا حَيَوَانٌ مُحَرَّمٌ، وَلَمْ يُبَحْ لِلتَّدَاوِي، وَهُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَعَلَّ تَحْرِيمَ الضُّفْدَعِ أَخَفُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْخَبَائِثِ غَيْرِهَا، فَإِنَّهُ أَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهَا إنَّ نَقْنَقَتَهَا تَسْبِيحٌ، فَمَا ظَنُّك بِالْخِنْزِيرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ بَيِّنٌ لَك اسْتِخْفَافُهُ بِطَلَبِ الطِّبِّ، وَاقْتِضَائِهِ وَإِجْرَائِهِ مَجْرَى الرِّفْقِ بِالْمَرِيضِ، وَتَطْيِيبِ قَلْبِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ لِرَجُلٍ قَالَ لَهُ: أَنَا طَبِيبٌ قَالَ: «أَنْتَ رَفِيقٌ، وَاَللَّهُ الطَّبِيبُ» .

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست