responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 387
الْبَيِّنَةِ، قَدْ أَنْكَرَهُ فِي الثِّيَابِ طَائِفَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَغَيْرُهُمْ. فَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُهُ أُولَئِكَ؟ وَثَالِثُهَا: أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مُسْتَفِيضًا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الصَّحَابَةِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْلَمَهُ أُولَئِكَ؛ لِأَنَّهُمْ حَدِيثُو الْعَهْدِ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَالْكُفْرِ؛ فَقَدْ كَانُوا يَجْهَلُونَ أَصْنَافَ الصَّلَوَاتِ، وَأَعْدَادَهَا، وَأَوْقَاتِهَا، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الشَّرَائِعِ الظَّاهِرَةِ، فَجَهْلُهُمْ بِشَرْطٍ خَفِيٍّ فِي أَمْرٍ خَفِيٍّ أَوْلَى وَأَحْرَى، لَا سِيَّمَا، وَالْقَوْمُ لَمْ يَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ أَدْنَى تَفَقُّهٍ، وَلِذَلِكَ ارْتَدُّوا، وَلَمْ يُخَالِطُوا أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ، بَلْ حِينَ أَسْلَمُوا وَأَصَابَهُمْ الِاسْتِيخَامُ أَمَرَهُمْ بِالْبَدَاوَةِ. فَيَا لَيْتَ شِعْرِي، مِنْ أَيْنَ لَهُمْ الْعِلْمُ بِهَذَا الْأَمْرِ الْخَفِيِّ؟ وَرَابِعُهَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ فِي تَعْلِيمِهِ وَإِرْشَادِهِ وَاكِلًا لِلتَّعْلِيمِ إلَى غَيْرِهِ، بَلْ يُبَيِّنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ لِمَنْ أَحْسَنَ الْمَعْرِفَةَ بِالسُّنَنِ الْمَاضِيَةِ.
وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ الْعِلْمُ بِنَجَاسَةِ هَذِهِ الْأَرْوَاثِ، أَبْيَنَ مِنْ الْعِلْمِ بِنَجَاسَةِ بَوْلِ الْإِنْسَانِ، الَّذِي قَدْ عَلِمَهُ الْعَذَارَى فِي حِجَالِهِنَّ وَخُدُورِهِنَّ، ثُمَّ قَدْ حَذَّرَ مِنْهُ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ، فَصَارَ الْأَعْرَابُ الْجُفَاةُ أَعْلَمَ بِالْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بِالْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ، فَهَذَا كَمَا تَرَى. وَسَادِسُهَا: أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَبْوَالِ، وَالْأَلْبَانِ، وَأَخْرَجَهُمَا مَخْرَجًا وَاحِدًا، وَالْقُرْآنُ بَيَّنَ الشَّيْئَيْنِ إنْ لَمْ يُوجِبْ اسْتِوَاءَهُمَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُورِثَ شُبْهَةً، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَيَانُ وَاجِبًا لَكَانَتْ الْمُقَارَنَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّاهِرِ مُوجِبَةً لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ التَّمْيِيزُ حَقًّا. وَمِنْ الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ أُخْرَى فِيهَا تَنَازُعٌ، وَهُوَ: أَنَّهُ أَبَاحَ لَهُمْ شُرْبَهَا، وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً نَجِسَةً لَمْ يُبَحْ لَهُمْ شُرْبُهَا، وَلَسْت أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي جَوَازِ التَّدَاوِي بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ كَمَا جَاءَتْ السُّنَّةُ، لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَخْرِيجِ مَنَاطِهِ. فَقِيلَ: هُوَ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِلتَّدَاوِي وَغَيْرِ التَّدَاوِي.
وَقِيلَ: بَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ وَإِنَّمَا أَبَاحَهَا لِلتَّدَاوِي وَقِيلَ: هِيَ مَعَ ذَلِكَ نَجِسَةٌ.

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست