responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 346
وَالطَّوَافُ لَيْسَ لَهُ تَحْرِيمٌ وَلَا تَحْلِيلٌ، وَإِنْ كَبَّرَ فِي أَوَّلِهِ فَكَمَا يُكَبِّرُ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَحْرِيمًا؛ وَلِهَذَا يُكَبِّرُ كُلَّمَا حَاذَى الرُّكْنَ، وَالصَّلَاةُ لَهَا تَحْرِيمٌ، لِأَنَّهُ بِتَكْبِيرِهَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُصَلِّي مَا كَانَ حَلَالًا مِنْ الْكَلَامِ أَوْ الْأَكْلِ، أَوْ الضَّحِكِ أَوْ الشُّرْبِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالطَّوَافُ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ مُبَاحًا قَبْلَ الطَّوَافِ فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ مُبَاحٌ فِي الطَّوَافِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشْغِلُ عَنْ مَقْصُودٍ الطَّوَافِ، كَمَا يُكْرَهُ فِي عَرَفَةَ، وَعِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَلَا يُعْرَفُ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الطَّوَافَ لَا يَبْطُلُ بِالْكَلَامِ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَالْقَهْقَهَةِ كَمَا لَا يَبْطُلُ غَيْرُهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ بِذَلِكَ، وَكَمَا لَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِذَلِكَ، وَالِاعْتِكَافُ يُسْتَحَبُّ لَهُ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَلَا يَجِبُ، فَلَوْ قَعَدَ الْمُعْتَكِفُ وَهُوَ مُحْدِثٌ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَحْرُمْ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا، فَإِنَّ هَذَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ الْجُمْهُورُ كَمَنْعِهِمْ الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ مِنْ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ، وَلِهَذَا إذَا خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ لِلِاغْتِسَالِ كَانَ حُكْمُ اعْتِكَافِهِ عَلَيْهِ فِي حَالِ خُرُوجِهِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَمَنْ جَوَّزَ لَهُ اللُّبْثَ مَعَ الْوُضُوءِ جَوَّزَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَوَضَّأَ، يَلْبَثُ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ.
وَاَلَّذِي ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ نَهَى الْحَائِضَ عَنْ الطَّوَافِ، وَبَعَثَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْمَوْسِمِ، فَأَمَرَ أَنْ يُنَادِيَ أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَحُجُّونَ، وَكَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَيَقُولُونَ: ثِيَابٌ عَصَيْنَا اللَّهَ فِيهَا فَلَا نَطُوفُ فِيهَا إلَّا الْحُمْسَ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا.

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست