responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 338
وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ بِصَبِّ دَلْوٍ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ الْمَاءِ بِالْبَوْلِ وَسَرَيَانِ ذَلِكَ، لَكِنْ قَصَدَ بِهِ تَعْجِيلَ التَّطْهِيرِ، لَا لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَزُولُ بِغَيْرِ ذَلِكَ بَلْ الشَّمْسُ وَالرِّيحُ، وَالِاسْتِحَالَةُ تُزِيلُ النَّجَاسَةَ، أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؛ وَلِهَذَا «كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ، وَتُدْبِرُ، وَتَبُولُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» .

وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوءًا كَامِلًا، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ، جَازَ لَهُ الْمَسْحُ بِلَا نِزَاعٍ، وَلَوْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ، ثُمَّ فَعَلَ بِالْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ فَفِيهِ قَوْلَانِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ الْمَسْحُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ. قَالَ هَؤُلَاءِ: لِأَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءُ اللُّبْسِ عَلَى الطَّهَارَةِ، فَلَوْ لَبِسَهُمَا وَتَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِيهِمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ، حَتَّى يَخْلَعَ مَا لَبِسَ قَبْلَ تَمَامِ طُهْرِهِمَا، فَيَلْبَسُهُ بَعْدَهُ. وَكَذَلِكَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ؛ قَالُوا: يَخْلَعُ الرِّجْلَ الْأُولَى، ثُمَّ يُدْخِلُهَا فِي الْخُفِّ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنِّي أَدْخَلْت الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ» .
قَالُوا: وَهَذَا أَدْخَلَهُمَا وَلَيْسَتَا طَاهِرَتَيْنِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ، وَإِذَا جَازَ الْمَسْحُ لِمَنْ تَوَضَّأَ خَارِجًا، ثُمَّ لَبِسَهُمَا، فَلَأَنْ يَجُوزَ لِمَنْ تَوَضَّأَ فِيهِمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَإِنَّ هَذَا فَعَلَ الطَّهَارَةَ فِيهِمَا وَاسْتَدَامَهَا فِيهِمَا، وَذَلِكَ فَعَلَ الطَّهَارَةَ خَارِجًا عَنْهُمَا، وَإِدْخَالُ هَذَا قَدَمَيْهِ الْخُفَّ مَعَ الْحَدَثِ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ لَا يَنْفَعُهُ وَلَا يَضُرُّهُ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِالطَّهَارَةِ الْمَوْجُودَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ مَعَ الْحَدَثِ.

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 338
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست