responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 321
وَرَخَّصَ إِسْحَاقُ وَغَيْرُهُ فِي لُبْسِهَا بِلَا تَحْنِيكٍ، وَالْجُنْدُ الْمُقَاتِلَةُ، لَمَّا احْتَاجُوا إلَى رَبْطِ عَائِمِهِمْ صَارُوا يَرْبِطُونَهَا، إمَّا بِكَلَالِيبَ، وَإِمَّا بِعِصَابَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَعْنَاهُ مَعْنَى التَّحْنِيكِ. كَمَا أَنَّ مِنْ السَّلَفِ مَنْ كَانَ يَرْبِطُ وَسَطَهُ بِطَرَفِ عِمَامَتِهِ، وَالْمَنَاطِقُ يَحْصُلُ بِهَا هَذَا الْمَقْصُودُ، وَفِي نَزْعِ الْعِمَامَةِ الْمَرْبُوطَةِ بِعِصَابَةٍ وَكَلَالِيبَ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا فِي نَزْعِ الْمُحَنَّكَةِ.
وَقَدْ ثَبَتَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وُجُوهٍ صَحِيحَةٍ، لَكِنْ الْعُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْفَرْضُ سَقَطَ بِمَسْحِ مَا بَدَأَ مِنْ الرَّأْسِ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ مُسْتَحَبٌّ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَلْ الْفَرْضُ سَقَطَ بِمَسْحِ الْعِمَامَةِ، وَمَسْحِ مَا بَدَا مِنْ الرَّأْسِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، هَلْ هُوَ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، أَوْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ إنَّمَا كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ، وَهُوَ مَا إذَا حَصَلَ بِكَشْفِ الرَّأْسِ ضَرَرٌ مِنْ بَرْدٍ، وَمَرَضٍ، فَيَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ، كَمَا جَاءَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سَرِيَّةٍ، فَشَكَوَا الْبَرْدَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى التَّسَاخِينِ وَالْعَصَائِبِ. وَالْعَصَائِبُ هِيَ: الْعَمَائِمُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبِلَادَ الْبَارِدَةَ يَحْتَاجُ فِيهَا مَنْ يَمْسَحُ التَّسَاخِينَ وَالْعَصَائِبَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ، فَأَهْلُ الشَّامِ، وَالرُّومِ، وَنَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ: أَحَقُّ بِالرُّخْصَةِ فِي هَذَا وَهَذَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْمَاشُونَ فِي الْأَرْضِ الْحَزْنَةِ وَالْوَعِرَةِ، أَحَقُّ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ مِنْ الْمَاشِينَ فِي الْأَرْضِ السَّهْلَةِ، وَخِفَافُ هَؤُلَاءِ فِي الْعَادَةِ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهَا الْحَجَرُ، فَهُمْ بِرُخْصَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخِفَافِ الْمُخَرَّقَةِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ. ثُمَّ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ يَقُولُ: إذَا ظَهَرَ بَعْضُ الْقَدَمِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ فَقَدْ يَظْهَرُ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ الْقَدَمِ: كَمَوْضِعِ الْخَرَزِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْخِفَافِ، فَإِنْ مَنَعُوا

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 321
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست