responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 319
مُنْفَصِلًا عَنْهُ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ الْجَوْرَبَيْنِ، وَهَكَذَا مَا يُلْبَسُ عَلَى الرِّجْلِ مِنْ فَرْوٍ، وَقُطْنٍ، وَغَيْرِهِمَا، إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِشَدِّهِمَا بِخَيْطٍ مُتَّصِلٍ أَوْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
فَإِنْ قِيلَ: فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى اللَّفَائِفِ، وَهُوَ أَنْ يَلُفَّ عَلَى الرِّجْلِ لَفَائِفَ مِنْ الْبَرْدِ، أَوْ خَوْفَ الْحِفَاءِ، أَوْ مِنْ جِرَاحٍ بِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قِيلَ: فِي هَذَا وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْحَلْوَانِيُّ، وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى اللَّفَائِفِ، وَهِيَ بِالْمَسْحِ أَوْلَى مِنْ الْخُفِّ وَالْجَوْرَبِ، فَإِنَّ تِلْكَ اللَّفَائِفَ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ لِلْحَاجَةِ فِي الْعَادَةِ وَفِي نَزْعِهَا ضَرَرٌ، إمَّا إصَابَةُ الْبَرْدِ وَإِمَّا التَّأَذِّي بِالْحِفَاءِ، وَإِمَّا التَّأَذِّي بِالْجُرْحِ، فَإِذَا جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ، فَعَلَى اللَّفَائِفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَمَنْ ادَّعَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إجْمَاعًا فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا عَدَمُ الْعِلْمِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْقُلَ الْمَنْعَ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ فَضْلًا عَنْ الْإِجْمَاعِ، وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، حَتَّى أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ أَنْكَرُوهُ، وَطَائِفَةً مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ الْبَيْتِ أَنْكَرُوهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ جَوَازُهُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ. وَقَدْ صَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كِتَابًا كَبِيرًا فِي " الْأَشْرِبَةِ " تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا عَنْ الصَّحَابَةِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: هَذَا صَحَّ فِيهِ الْخِلَافُ عَنْ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِ الْمُسْكِرِ. وَمَالِكٌ مَعَ سَعَةِ عِلْمِهِ، وَعُلُوِّ قَدْرِهِ.
قَالَ فِي كِتَابِ " السِّرِّ ": لَأَقُولَنَّ قَوْلًا لَمْ أَقُلْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي عَلَانِيَةٍ. وَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ مَضْمُونُهُ إنْكَارُهُ إمَّا مُطْلَقًا، وَإِمَّا فِي الْحَضَرِ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: هَذَا ضَعْفٌ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَانِيَةً، وَاَلَّذِينَ جَوَّزُوهُ مَنَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ الْمَلْبُوسَيْنِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَالثَّلَاثَةُ مَنَعُوا الْمَسْحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ.

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست