responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 282
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَمَسِّ النِّسَاءِ لِشَهْوَةٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ، فَإِنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ يُفْسِدُ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَفْسُدُ بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ: كَالصِّيَامِ، وَالْإِحْرَامِ، وَالِاعْتِكَافِ، وَيُوجِبُ الْغُسْلَ كَمَا يُوجِبُهُ هَذَا، فَتَكُونُ مُقَدِّمَاتُ هَذَا فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ كَمُقَدِّمَاتِ هَذَا، فَلَوْ مَسَّ الْأَمْرَدَ لِشَهْوَةٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَعَلَيْهِ دَمٌ كَمَا لَوْ مَسَّ أَجْنَبِيَّةً لِشَهْوَةٍ، وَكَذَلِكَ إذَا مَسَّهُ لِشَهْوَةٍ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ مَسَّ الْمَرْأَةَ لِشَهْوَةٍ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ. وَاَلَّذِي لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ بِمَسِّهِ يَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ مَحَلًّا لِذَلِكَ، فَيُقَالُ لَهُ: لَا رَيْبَ أَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِذَلِكَ، وَإِنَّ الْفَاحِشَةَ اللُّوطِيَّةَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ، لَكِنْ هَذَا الْقَدْرُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي بَابِ الْوَطْءِ، فَإِنْ وَطِئَ فِي الدُّبُرِ تَعَلَّقَ بِهِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَإِنْ كَانَ الدُّبُرُ لَمْ يُخْلَقْ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ، مَعَ أَنَّ نَفْرَةَ الطِّبَاعِ عَنْ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ أَعْظَمُ مِنْ نَفْرَتِهَا عَنْ الْمُلَامَسَةِ، وَنَقْضُ الْوُضُوءِ بِالْمَسِّ يُرَاعَى فِيهِ حَقِيقَةُ الْحِكْمَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَسُّ لِشَهْوَةٍ، عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: كَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمَا، كَمَا يُرَاعَى مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ وَالِاعْتِكَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: فَحَيْثُ وُجِدَ اللَّمْسُ لِشَهْوَةٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ، حَتَّى لَوْ مَسَّ أُمَّهُ، وَأُخْتَه، وَبِنْتَهُ لِشَهْوَةٍ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، فَكَذَلِكَ الْأَمْرَدُ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ فَتُعْتَبَرُ الْمَظِنَّةُ، وَهُوَ أَنَّ النِّسَاءَ مَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ، فَيُنْقَضُ الْوُضُوءُ، سَوَاءٌ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، وَلِهَذَا لَا يَنْقُضُ لَمْسُ الْمَحَارِمِ، لَكِنْ لَوْ لَمَسَ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ لِشَهْوَةٍ فَقَدْ وُجِدَتْ حَقِيقَةُ الْحِكْمَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَسَّ الْأَمْرَدَ لِشَهْوَةٍ.
وَالتَّلَذُّذُ بِمَسِّ الْأَمْرَدِ: كَمُصَافَحَتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِمَسِّ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ التَّلَذُّذِ بِالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، كَمَا أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ اللُّوطِيِّ أَعْظَمُ مِنْ عُقُوبَةِ الزِّنَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ، فَيَجِبُ قَتْلُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ. سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْصَنًا

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست