responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 214
وَجْهًا فِي ذَلِكَ، وَغَلَّطَهُ فِيهِ أَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ، وَلَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُسْتَحَبُّ اللَّفْظُ بِالنِّيَّةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ: يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا لِكَوْنِهِ أَوْكَدَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمَا: لَا يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَصْحَابِهِ وَلَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ أَنْ يَلْفِظَ بِالنِّيَّةِ وَلَا عَلَّمَ ذَلِكَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا مَشْرُوعًا لَمْ يُهْمِلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، مَعَ أَنَّ الْأُمَّةَ مُبْتَلَاةٌ بِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ، بَلْ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ: أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَأَمَّا فِي الْعَقْلِ فَلِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُرِيدُ أَكْلَ الطَّعَامِ فَقَالَ: أَنْوِي بِوَضْعِ يَدِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ أَنِّي آخُذُ مِنْهُ لُقْمَةً، فَأَضَعُهَا فِي فَمِي فَأَمْضُغُهَا، ثُمَّ أَبْلَعُهَا لِأَشْبَعَ فَهَذَا حُمْقٌ وَجَهْلٌ. وَذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ، فَمَتَى عَلِمَ الْعَبْدُ مَا يَفْعَلُ كَانَ قَدْ نَوَاهُ ضَرُورَةً، فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَ وُجُودِ الْعِلْمِ بِهِ أَنْ لَا تَحْصُلَ نِيَّةٌ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِالنِّيَّةِ وَتَكْرِيرَهَا لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ، بَلْ مَنْ اعْتَادَهُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَدَّبَ تَأْدِيبًا يَمْنَعُهُ عَنْ التَّعَبُّدِ بِالْبِدَعِ، وَإِيذَاءِ النَّاسِ بِرَفْعِ صَوْتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْمَاء الْكَثِير إذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ بِمُكْثِهِ]
19 - 3 - مَسْأَلَةٌ:
فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ إذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ بِمُكْثِهِ، أَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ لَا الرَّائِحَةُ، فَهَلْ يَكُونُ طَهُورًا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا مَا تَغَيَّرَ بِمُكْثِهِ وَمَقَرِّهِ: فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا النَّهْرُ الْجَارِي: فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُتَغَيِّرٌ بِنَجَاسَةٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا، فَإِنْ خَالَطَهُ مَا يُغَيِّرُهُ مِنْ طَاهِرٍ وَنَجِسٍ، وَشَكَّ فِي التَّغَيُّرِ هَلْ بِطَاهِرٍ أَوْ نَجِسٍ، لَمْ يَحْكُمْ بِنَجَاسَتِهِ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ، وَالْأَغْلَبُ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْهَارَ الْكِبَارَ لَا تَتَغَيَّرُ بِهَذِهِ الْقَنَى الَّتِي عَلَيْهَا، لَكِنْ إذَا

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست