responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 207
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

[مَسْأَلَةٌ الْتِزَامُ مَذْهَبِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ]
16 - مَسْأَلَةٌ:
سُئِلَ: الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ فِي رَجُلٍ سُئِلَ: إيشِ مَذْهَبُك؟ فَقَالَ: مُحَمَّدِيٌّ، أَتَّبِعُ كِتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّةَ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ: لَهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَتَّبِعَ مَذْهَبًا، وَمَنْ لَا مَذْهَبَ لَهُ فَهُوَ شَيْطَانٌ، فَقَالَ: إيشِ كَانَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؟ فَقِيلَ لَهُ: لَا يَنْبَغِي لَك إلَّا أَنْ تَتَّبِعَ مَذْهَبًا مِنْ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ فَأَيُّهُمْ الْمُصِيبُ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ طَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَؤُلَاءِ أُولُو الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ فِي قَوْلِهِ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] . إنَّمَا تَجِبُ طَاعَتُهُمْ تَبَعًا لِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَا اسْتِقْلَالًا، ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [النساء: 59] .
وَإِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِ نَازِلَةٌ فَإِنَّهُ يَسْتَفْتِي مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يُفْتِيهِ بِشَرْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ أَيِّ مَذْهَبٍ كَانَ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقْلِيدُ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْتِزَامُ مَذْهَبِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ مَا يُوجِبُهُ وَيُخْبِرُ بِهِ، بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَاتِّبَاعُ الشَّخْصِ لِمَذْهَبِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ إنَّمَا هُوَ مِمَّا يَسُوغُ لَهُ، لَيْسَ هُوَ مِمَّا يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ إذَا أَمْكَنَهُ مَعْرِفَةُ الشَّرْعِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ، بَلْ كُلُّ أَحَدٍ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ وَيَطْلُبَ عِلْمَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فَيَفْعَلُ الْمَأْمُورَ، وَيَتْرُكُ الْمَحْظُورَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست