responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 181
كَفَرَ» .
فَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهَا عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ بَالِغٍ إلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا عَمَلٌ صَالِحٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهَا وَيُثِيبُ عَلَيْهَا، وَصَلَّى مَعَ ذَلِكَ وَقَامَ اللَّيْلَ وَصَامَ النَّهَارَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا عَلَى كُلِّ بَالِغٍ، فَهُوَ أَيْضًا كَافِرٌ مُرْتَدٌّ، حَتَّى يَعْتَقِدَ أَنَّهَا فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ. وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ الْعَارِفِينَ وَالْمُكَاشِفِينَ وَالْوَاصِلِينَ، أَوْ أَنَّ لِلَّهِ خَوَّاصًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ، بَلْ قَدْ سَقَطَتْ عَنْهُمْ لِوُصُولِهِمْ إلَى حَضْرَةِ الْقُدْسِ، أَوْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهَا بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا أَوْ أَوْلَى، أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ الْقَلْبِ مَعَ الرَّبِّ، أَوْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا تَفْرِقَةٌ، فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي جَمْعِيَّتِهِ مَعَ اللَّهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الصَّلَاةِ، بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ الصَّلَاةِ هِيَ الْمَعْرِفَةُ، فَإِذَا حَصَلَتْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَحْصُلَ لَك خَرْقُ عَادَةٍ، كَالطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ، وَالْمَشْيِ عَلَى الْمَاءِ أَوْ مَلْءِ الْأَوْعِيَةِ مَاءً مِنْ الْهَوَاءِ، أَوْ تَغْوِيرِ الْمِيَاهِ وَاسْتِخْرَاجِ مَا تَحْتَهَا مِنْ الْكُنُوزِ، وَقَتْلِ مَنْ يُبْغِضُهُ بِالْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ، فَمَتَى حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ اسْتَغْنَى عَنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّ لِلَّهِ رِجَالًا خَوَّاصًا لَا يَحْتَاجُونَ إلَى مُتَابَعَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ اسْتَغْنَوْا عَنْهُ كَمَا اسْتَغْنَى الْخَضِرُ عَنْ مُوسَى، أَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَاشَفَ وَطَارَ فِي الْهَوَاءِ، أَوْ مَشَى عَلَى الْمَاءِ فَهُوَ وَلِيٌّ سَوَاءٌ صَلَّى، أَوْ لَمْ يُصَلِّ، أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ، أَوْ أَنَّ الْمُوَلِّهِينَ وَالْمُتَوَلَّهِينَ وَالْمَجَانِينَ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْمَقَابِرِ وَالْمَزَابِلِ وَالطِّهَارَاتِ وَالْخَانَاتِ وَالْقَمَّامِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْبِقَاعِ، وَهُمْ لَا يَتَوَضَّئُونَ وَلَا يُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ.
فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَوْلِيَاءُ، فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ عَنْ الْإِسْلَامِ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ كَانَ فِي نَفْسِهِ زَاهِدًا عَابِدًا، فَالرُّهْبَانُ أَزْهَدُ وَأَعْبَدُ، وَقَدْ آمَنُوا بِكَثِيرٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَجُمْهُورُهُمْ يُعَظِّمُونَ الرَّسُولَ وَيُعَظِّمُونَ أَتْبَاعَهُ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ، بَلْ آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ فَصَارُوا بِذَلِكَ كَافِرِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [النساء: 150] {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 151] {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 152] .

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 181
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست