responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 167
وَمَنْ ظَنَّ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ تَحْرِيمَ نِكَاحِ مَنْ أَبَوَيْهِ مَجُوسِيَّانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَجُوسِيٌّ قَوْلٌ وَاحِدٌ فِي مَذْهَبِهِ، فَهُوَ مُخْطِئٌ خَطَأً لَا رَيْبَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ النِّزَاعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَتَنَاقَضُ فَيُجَوِّزُ أَنْ يُقَرَّ بِالْجِزْيَةِ مَنْ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، وَيَقُولُ مَعَ هَذَا بِتَحْرِيمِ نِكَاحِ نَصْرَانِيِّ الْعَرَبِ مُطْلَقًا، وَمَنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ غَيْرَ كِتَابِيٍّ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ.
وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَتْبَاعِهِ فَقَدْ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ آخِرُ كُتُبِهِ، فَذَكَرَ فِيمَنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، كَالرُّومِ، وَقَبَائِلَ مِنْ الْعَرَبِ، وَهُمْ تَنُوخُ، وَبَهْرَاءُ، وَمِنْ بَنِي تَغْلِبَ هَلْ تَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ وَأَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِنِكَاحِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى مُخَرَّجَةٌ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ فِي ذَبَائِحِهِمْ، وَاخْتَارَ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ إلَى دِينِهِمْ حُكْمُهُ حُكْمُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ انْتِقَالُهُ بَعْدَ مَجِيءِ شَرِيعَتِنَا أَوْ قَبْلَهَا، وَسَوَاءٌ انْتَقَلَ إلَى دِينِ الْمُبَدِّلِينَ أَوْ دِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ، وَيَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُ وَأَكْلُ ذَبِيحَتِهِ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَنْ أَبَوَاهُ مُشْرِكَانِ مِنْ الْعَرَبِ وَالرُّومِ، فَمَنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُشْرِكًا فَهُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ، هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ كَمَنْ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ، فَإِنَّهُ يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، قَالَ أَصْحَابُهُ: وَإِذَا أَقْرَرْنَاهُ بِالْجِزْيَةِ، حَلَّتْ ذَبَائِحُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا. وَأَصْلُ النِّزَاعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا ذَكَرْته مِنْ نِزَاعِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي بَنِي تَغْلِبَ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَالْجُمْهُورُ أَحَلُّوهَا وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ.
ثُمَّ الَّذِينَ كَرِهُوا ذَبَائِحَ بَنِي تَغْلِبَ تَنَازَعُوا فِي مَأْخَذِ عَلِيٍّ، فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ عَلِيًّا إنَّمَا حَرَّمَ ذَبَائِحَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ آبَاءَهُمْ دَخَلُوا فِي دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست