responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 107
وَقَوْلُهُ: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] . وَقَوْلُهُ: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] . وَقَالَ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: 47] . فَذَمَّ مَنْ يَتْرُكُ الْمَأْمُورَ بِهِ اكْتِفَاءً بِمَا يَجْرِي بِهِ الْقَدَرُ.
وَمِنْ هُنَا يُعْرَفُ أَنَّ السَّبَبَ الْمَأْمُورَ بِهِ، أَوْ الْمُبَاحَ لَا يُنَافِي وُجُوبَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ فِي وُجُودِ السَّبَبِ، بَلْ الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ إلَى اللَّهِ ثَابِتَةٌ مَعَ فِعْلِ السَّبَبِ. إذْ لَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مَا هُوَ وَحْدَهُ سَبَبٌ تَامٌّ لِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ. وَلِهَذَا لَا يَجِبُ أَنْ تَقْتَرِنَ الْحَوَادِثُ بِمَا قَدْ يُجْعَلُ سَبَبًا إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. فَمَنْ ظَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ بِالسَّبَبِ عَنْ التَّوَكُّلِ فَقَدْ تَرَكَ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ التَّوَكُّلِ، وَأَخَلَّ بِوَاجِبِ التَّوْحِيدِ، وَلِهَذَا يُخْذَلُ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ إذَا اعْتَمَدُوا عَلَى الْأَسْبَابِ، فَمَنْ رَجَا نَصْرًا أَوْ رِزْقًا مِنْ غَيْرِ اللَّهِ خَذَلَهُ اللَّهُ، كَمَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافَنَّ إلَّا ذَنْبَهُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [يونس: 107] . وَقَالَ: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38] . وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ أَخَذَ يَدْخُلُ فِي التَّوَكُّلِ تَارِكًا لِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ فَهُوَ أَيْضًا

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست