responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العبودية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 128
كَادَت لتبدي بِهِ لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا} قَالُوا فَارغًا من كل شَيْء إِلَّا من ذكر مُوسَى. وَهَذَا كثيرا مَا يعرض لمن دهمه أَمر من الْأُمُور: إِمَّا حب وَإِمَّا خوف وَإِمَّا رَجَاء يبْقى قلبه منصرفا عَن كل شَيْء إِلَّا عَمَّا قد أحبه أَو خافه أَو طلبه بِحَيْثُ يكون عِنْد استغراقه فِي ذَلِك لَا يشْعر بِغَيْرِهِ.

فَإِذا قوي على صَاحب الفناء هَذَا فَإِنَّهُ يغيب بموجوده عَن وجوده وبمشهوده عَن شُهُوده وبمذكوره عَن ذكره وبمعروفه عَن مَعْرفَته حَتَّى يفنى من لم يكن وَهِي الْمَخْلُوقَات العَبْد فَمن سواهُ وَيبقى من لم يزل وَهُوَ الرب تَعَالَى وَالْمرَاد فناؤها فِي شُهُود العَبْد وَذكره وفناؤه عَن أَن يُدْرِكهَا أَو يشهدها وَإِذا قوي هَذَا ضعف الْمُحب حَتَّى يضطرب فِي تَمْيِيزه فقد يظنّ أَنه هُوَ محبوبه كَمَا يذكر أَن رجلا ألْقى نَفسه فِي اليم فَألْقى محبه نَفسه خَلفه فَقَالَ: أَنا وَقعت فَمَا أوقعك خَلْفي؟ قَالَ: غبت بك عني فَظَنَنْت أَنَّك أَنِّي.

وَهَذَا الْموضع زلت فِيهِ أَقوام وظنوا أَنه اتِّحَاد وَأَن الْمُحب يتحد بالمحبوب حَتَّى لَا يكون بَينهمَا فرق فِي نفس وجودهما وَهَذَا غلط فَإِن الْخَالِق لَا يتحد بِهِ شَيْء أصلا بل لَا يُمكن يتحد شَيْء بِشَيْء إِلَّا إِذا استحالا وفسدت حَقِيقَة كل مِنْهُمَا وَحصل من اتحادهما أَمر ثَالِث لَا هُوَ هَذَا

اسم الکتاب : العبودية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست