responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العبودية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 124
الْمُحب يخَاف من زَوَال مَطْلُوبه أَو حُصُول مرغوبه فَلَا يكون عبد الله ومحبه إِلَّا بَين خوف ورجاء كَمَا قَالَ تَعَالَى [57 الْإِسْرَاء] : {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة أَيهمْ أقرب ويرجون رَحمته وَيَخَافُونَ عَذَابه إِن عَذَاب رَبك كَانَ محذورا} .

وَإِذا كَانَ العَبْد مخلصا لله اجتباه ربه فأحيا قلبه واجتذبه إِلَيْهِ فَيَنْصَرِف عَنهُ مَا يضاد ذَلِك من السوء والفحشاء وَيخَاف من حُصُول ضد ذَلِك بِخِلَاف الْقلب الَّذِي لم يخلص لله فَإِن فِيهِ طلبا وَإِرَادَة وحبا مُطلقًا فيهوى مَا يسنح لَهُ ويتشبث بِمَا يهواه كالغصن أَي نسيم مر بِهِ عطفه وأماله فَتَارَة تجتذبه الصُّور الْمُحرمَة وَغير الْمُحرمَة فَيبقى أَسِيرًا عبدا لمن لَو اتَّخذهُ هُوَ عبدا لَهُ لَكَانَ ذَلِك عَيْبا ونقصا وذما.

وَتارَة يجتذبه الشّرف والرئاسة فترضيه الْكَلِمَة وتغضبه الْكَلِمَة ويستعبده من يثني عَلَيْهِ وَلَو بِالْبَاطِلِ ويعادي من يذمه وَلَو بِالْحَقِّ.

وَتارَة يستعبده الدِّرْهَم وَالدِّينَار وأمثال ذَلِك من الْأُمُور الَّتِي تستعبد الْقُلُوب والقلوب تهواها فيتخذ إِلَهًا هَوَاهُ وَيتبع هَوَاهُ بِغَيْر هدى من الله.

وَمن لم يكن خَالِصا لله عبدا لَهُ قد صَار قلبه معبدًا لرَبه وَحده لَا شريك لَهُ بِحَيْثُ يكون الله أحب إِلَيْهِ من كل مَا سواهُ وَيكون ذليلا لَهُ خاضعا وَإِلَّا استعبدته الكائنات

اسم الکتاب : العبودية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست