اسم الکتاب : العبودية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 116
{أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا يخَافُونَ لومة لائم} .
وَلِهَذَا كَانَت محبَّة هَذِه الْأمة لله أكمل من محبَّة من قبلهَا وعبوديتهم لله أكمل من عبودية من قبلهم وأكمل هَذِه الْأمة فِي ذَلِك هم أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن كَانَ بهم أشبه كَانَ ذَلِك فِيهِ أكمل فَأَيْنَ هَذَا من قوم يدعونَ الْمحبَّة؟
وَفِي كَلَام بعض الشُّيُوخ: الْمحبَّة نَار تحرق فِي الْقلب مَا سوى مُرَاد المحبوب. وَأَرَادُوا أَن الْكَوْن كُله قد أَرَادَ الله وجوده فظنوا أَن كَمَال الْمحبَّة أَن يحب العَبْد كل شَيْء حَتَّى الْكفْر والفسوق والعصيان وَلَا يُمكن لأحد أَن يحب كل مَوْجُود بل يحب مَا يلائمه وينفعه وَيبغض مَا يُنَافِيهِ ويضره وَلَكِن استفادوا بِهَذَا الضلال اتِّبَاع أهوائهم ثمَّ زادهم انغماسا فِي أهوائهم وشهواتهم فهم يحبونَ مَا يهوونه كالصور والرئاسة وفضول المَال والبدع المضلة زاعمين أَن هَذَا من محبَّة الله وَمن محبَّة الله بغض مَا يبغضه الله وَرَسُوله وَجِهَاد أَهله بِالنَّفسِ وَالْمَال.
وأصل ضلالهم: أَن هَذَا الْقَائِل الَّذِي قَالَ: إِن الْمحبَّة نَار تحرق مَا سوى مُرَاد المحبوب، قصد بِمُرَاد الله تَعَالَى: الْإِرَادَة الكونية فِي كل الموجودات.