اسم الکتاب : الصفدية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 277
فكان ما سلكه أولئك المتكلمون في العقليات الفاسدة والتأويلات الحائدة هي التي أخرجت هؤلاء إلى غاية الإلحاد ونهاية التكذيب للمرسلين وفساد العقل والدين وأخذ ابن سينا وأمثاله ينقضون الطريقة التي سلكها أولئك في حدوث العالم وإثبات الصانع إذ كان مدارها على امتناع تسلسل الحوادث وأن حكم الجميع حكم الواحد فأبو الحسين البصري من حذاق هؤلاء يجعلون أصل الدين مبنيا على أنه إذا كان كل واحد من الحوادث كائنا بعد أن لم يكن فالجميع كذلك كما انه إذا كان كل واحد من الزنج أسود فالجميع كذلك وأبو المعالي وأمثاله يقولون إثبات الحدوث ونفي الفعل في الأزل جمع بين النقيضين فقال لهم المنازعون أتباع الأنبياء وأتباع الفلاسفة الفرق بين النوع والشخص معلوم والمنتفي وجود حادث معين في الأزل بحيث يكون حادثا قديما أو وجود مجموع الحوادث في الأزل بحيث تكون كل الحوادث قديمة وأما دوام الحوادث شيئا بعد شيء كما هي دائمة شيئا بعد شيء في المستقبل فليس في العقل ما يحيل هذا ولا يمكن الفرق بين الماضي والمستقبل بفرق مؤثر في مناط الحكم وليس كل مجموع يوصف بما يوصف به أفراده بل قد يوسف بذلك إذا لم يستفد بالاجتماع حكما آخر وقد لا يوصف بذلك إذا حصل له بالاجتماع حكم آخر فالأول كاجتماع الموجودات والمعدومات والممكنات والممتنعات فإنه لا يخرجها عن حكم هذه الصفات والثاني كاجتماع أجزاء الخط والسطح والجسم والطويل
اسم الکتاب : الصفدية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 277