اسم الکتاب : الصفدية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 240
ما خلقت خلقا أكرم علي منك وعندهم هو أول المبدعات ومنها أن هذا يقتضي أن العقل مخلوق وحقيقة الخلق منتفية عندهم عن العقل الأول بل عن العالم وإنما هو عندهم معلول ومبدع لكنهم يحرفون الكلم عن مواضعه فيقولون العالم محدث ومخلوق ويعنون بقولهم محدث أنه معلول ممكن بنفسه واجب بغيره وأن وجوده من غيره لا من نفسه وكذلك يعنون بقولهم مخلوق لكن من المعلوم بالاضطرار أن أهل اللغة لا يريدون بقولهم هو محدث ومخلوق هذا المعنى المتضمن أنه قديم أزلي لم يزل ولا يزال بل الحدوث عندهم يناقض القدم وكذلك الخلق ولا تحتمل اللغة بوجه من الوجوه أن القديم الذي لم يزل ولا يزال يقال له محدث ومخلوق والمخلوق عندهم أبلغ من المحدث والحادث فكل مخلوق فهو محدث وحادث باتفاق أهل اللغة وأهل الكلام وأما أن كل حادث ومحدث فهو مخلوق فهذا مما تنازع فيه أهل الكلام والنظر واللغة لا يوجب أن كل ما كان حادثا يسمى مخلوقا لأن المخلوق هو الذي خلقه غيره والخلق يجمع معنى الإبداع ومعنى التقدير وأما لفظ حادث فلا يقتضي أنه مفعول ولو قيل محدث فمعنى الخلق أخص من معنى الحدوث ومنها أنه قال في هذا الحديث فبك آخذ وبك أعطي وبك الثواب وبك العقاب فأخبر أنه يفعل به هذه الأمور الأربعة وهذا ينطبق على عقل الإنسان الذي هو عرض فيه وأما العقل الذي يدعونه فهو عندهم أبدع السماوات والأرض وما بينهما فهو عندهم رب جميع العالم فأين هذا من شيء يفعل الله بن أمورا أربعة والكلام على هؤلاء مبسوط في غير هذا الموضع
اسم الکتاب : الصفدية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 240