responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزهد والورع والعبادة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 45
فَإنَّك اذا أَحْبَبْت الشَّخْص لله كَانَ الله هُوَ المحبوب لذاته فَكلما تصورته فِي قَلْبك تصورت مَحْبُوب الْحق فأحببته فازداد حبك لله كَمَا اذا ذكرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والأنبياء قبله وَالْمُرْسلِينَ وأصحابهم الصَّالِحين وتصورتهم فِي قبلك فَإِن ذَلِك يجذب قَلْبك الى محبَّة الله الْمُنعم عَلَيْهِم وبهم اذا أحب شخصا لله فَإِن الله هُوَ محبوبه فَهُوَ يحب أَن يجذبه الى الله تَعَالَى وكل من الْمُحب لله والمحبوب لله يجذب الى الله وَهَكَذَا اذا كَانَ الْحبّ لغير الله كَمَا اذا أحب كل من الشخصين الآخر بِصُورَة كَالْمَرْأَةِ مَعَ الرجل فَإِن الْمُحب يطْلب المحبوب والمحبوب يطْلب الْمُحب بانجذاب المحبوب فَإِذا كَانَا متحابين صَار كل مِنْهُمَا جاذبا مجذوبا من الْوَجْهَيْنِ فَيجب الِاتِّصَال وَلَو كَانَ الْحبّ من أحد الْجَانِبَيْنِ لَكَانَ الْمُحب يجذب المحبوب والمحبوب يجذبه لَكِن المحبوب لَا يقْصد جذبه والمحب يقْصد جذبه وينجذب وَهَذَا سَبَب التَّأْثِير فِي المحبوب اما تمثل يحصل فِي قلبه فينجذب وَإِمَّا أَن ينجذب بِلَا محبَّة كَمَا يَأْكُل الرجل الطَّعَام ويلبس الثَّوْب ويسكن الدَّار وَنَحْو ذَلِك من المحبوبات الَّتِي لَا ارادة لَهَا وَأما الْحَيَوَان فيحب بِبَعْضِه بَعْضًا بِكَوْنِهِ سَببا للاحسان اليه وَقد جبلت النُّفُوس على حب من أحسن اليها لَكِن هَذَا فِي الْحَقِيقَة انما هُوَ محبَّة الاحسان لَا نفس المحسن وَلَو قطع ذَلِك لضمحل ذَلِك الْحبّ وَرُبمَا أعقب بغضا فَإِنَّهُ لَيْسَ لله عز وَجل فَإِن من أحب انسانا لكَونه يُعْطِيهِ فَمَا أحب الا الْعَطاء وَمن قَالَ انه يحب من يُعْطِيهِ لله فَهَذَا كذب ومحال وزور من القَوْل وَكَذَلِكَ من أحب انسانا لكَونه ينصره انما أحب النَّصْر لَا النَّاصِر وَهَذَا كُله من اتِّبَاع مَا تهوى الْأَنْفس فَإِنَّهُ لم يحب فِي الْحَقِيقَة الا مَا يصل اليه من جلب مَنْفَعَة

اسم الکتاب : الزهد والورع والعبادة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست