اسم الکتاب : الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 91
الثالث قول الفلاسفة الذين يقولون هو موجبٌ بذاته ففعله من لوازم ذاته والعقوبات أمور لازمة لذاته لا يُتصور انتفاؤها فلا يكون تركها مقدورًا.
الرابع قول جمهور المسلمين الذين يقولون إنه كريم جواد عَدْل يخلق ما يشاء ويختار وهو على كل شيء قدير وأنه يفعل ما يفعل لحكمة وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها وما يخلقه من الآلام والعقوبات يخلقه لحكمةٍ له في ذلك لا تحصل تلك الحكمة بدون ذلك المخلوق فهو على غاية الجود والكرم في إرادته وغاية القوة والمُكْنة في قدرته لكنَّ فِعْل الشيء يقتضي فعلَ لوازمه وترك ما ينافيه فوجود أحد الضدين يستلزم ترك الآخر ووجود الملزوم يقتضي وجود اللازم.
وحينئذً فقول القائل ليس من الكرم عقوبة العُصَاة باطلٌ على كل قولٍ أما على قول الأولين فكل ممكن كرم وأما على قول الطائفة الثانية والثالثة فإن نقيض ذلك ممتنع وترك الممتنع لا ينافي الكرم وأما على قول الرابعة فلأنَّ ذلك مخلوق لحكمةٍ لا تحصل إلا به فلو لم يُخلق لفاتت تلك الحكمة التي يستحق الربُّ أن يُحْمَد لأجلها ويوصفَ بالجود والكرم.
وإذا كان كذلك كان من تمام الكرم ما يخلقه من العقوبات التي لا يحصل الكرمُ التامُّ إلا بها وهذا بخلاف الواحد منا فإنه قد يُعاقِب من أساءَ إليه لا لحكمةٍ في ذلك ولا لرحمةٍ ولا لمَحْض حظِّ نفس الذي قد يكون مذمومًا أو لا يكون محمودًا والله تعالى لا يفعل إلا ما
اسم الکتاب : الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 91