اسم الکتاب : الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 90
والمقصود أن هذا ليس إساءةً إلى الله على قول كل طائفة من طوائف المسلمين. الوجه الثالث أنه جعله إذا عاقب المسيئين لم يكن كريمًا بل لا يكون كريمًا إلا إذا أحسن إليهم وهذا جهل فإن الله كريم جواد مع عقوبته للمجرمين فإنَّ كلَّ نعمة منه فضل وكلَّ نقمة منه عدل وعقوبته للظالمين لا ينافي كرمه وجوده باتفاق المسلمين بل هو محمودٌ على كل ما يفعله وكلُّ فِعْله حَسَنٌ جميل وذلك أن الكرمَ والبخلَ للناس فيه أقوال:
أحدها أن البخل يرجع إلى الاعتقاد والخوف وهو خوف ذهاب المال إذا أنفقه كما يقول ذلك من يقوله من مناظري القدرية والفلاسفة كالقاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما وهؤلاء يقولون فِعْله متعلق بمحض المشيئة لا علة له والظلم هو الممتنع لذاته وكل ممكن فهو عدل وعلى هذا فالله عالم بكل شيء لا يخاف شيئًا فيمتنع وصفه بالبخل وأمَّا الكرم فهو فِعْل ما فعله فكل ما فعله فهو الكرم عندهم.
والقول الثاني قول القدرية الذين يقولون فَعَلَ بكل عبدٍ ما يقدر عليه من النعم الدينية وفي النعم الدنيوية قولان لكنَّ العبدَ هو الذي صرف نعمته في معاصيه وهؤلاء يقولون ما لم يوجد من الإحسان لم يكن مقدورًا له.
اسم الکتاب : الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 90