اسم الکتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى المؤلف : آل معمر، حمد بن ناصر الجزء : 1 صفحة : 44
على العبد ما يستطيعه من معرفة الحق فإذا بذل مجهوده في معرفة الحق فهو معذور فيما خفي عليه.
(النوع الثالث) التقليد السائغ وهو تقليد أهل العلم عند العجز عن معرفة الدليل وأهل هذا النوع نوعان أيضاً (أحدهما) من كان من العوام الذين لا معرفة لهم بالفقه والحديث ولا ينظرون في كلام العلماء فهؤلاء لهم التقليد بغير خلاف بل حكى غير واحد إجماع العلماء على ذلك.
(النوع الثاني) من كان محصلاً لبعض العلوم قد تفقه في مذهب من المذاهب وتبصر في كتب متأخري الأصحاب كالإقناع والمنتهى في مذهب الحنابلة أو المنهاج ونحوه في مذهب الشافعية أو مختصر خليل ونحوه في مذهب المالكية أو الكنز ونحوه في مذهب الحنفية ولكنه قاصر النظر عن معرفة الدليل ومعرفة الراجح من كلام العلماء فهذا له التقليد أيضاً إذ لا يجب عليه إلا ما يقدر عليه {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} ونصوص العلماء على جواز التقليد لمثل هذا كثيرة مشهورة وذلك لقوله تعالى {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال" ولم تزل العامة في زمن الصحابة والتابعين ومن بعدهم يستفتون العلماء ويتبعونهم في الأحكام الشرعية والعلماء يبادرون إلى إجابة سؤالهم من غير إشارة إلى ذكر الدليل ولا ينهونهم عن ذلك من غير نكير فكان إجماعاً على جواز اتباع العامي العلماء المجتهدين ويلزم هذا العامي أن يقلد الأعلم عنده كما يلزمه في مسألة القبلة فإذا اجتهد مجتهدان عند اشتباه القبلة فاختلفا في الجهة اتبع المقلد أوثقهما عنده ولا يجوز له أن يتبع الرخص بل يحرم لك عليه ويفسق به. قال ابن عبد البر لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعاً. ولا يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب يأخذ بعزائمه ورخصه. قال الشيخ تقي الدين في الأخذ برخص المذهب وعزائمه طاعة[1] غير النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمره ونهيه وهو خلاف الإجماع وتوقف أيضاً في جوازه.
وبالجملة فالعامي الذي ليس له من العلم حظ ولا نصيب فرضه التقليد فإذا وقعت له حادثة استفتى من عرفه عالماً عدلاً أو رآه منتصباً للإفتاء والتدريس واعتبر الشيخ تقي الدين وابن الصلاح الاستفاضة بأنه أهل للفتيا ورجحه النووي في الروضة ونقله عن أصحابه.
وقال الشيخ تقي الدين لا يجوز أن يستفتي إلا من يفتي بعلم وعدل. فعلى هذا لا يكتفي بمجرد اعتزائه إلى العلم ولو بمنصب تدريس أو غيره لا سيما في هذا الزمان [1] قوله: طاعة الخ خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو أي الأخذ المذكور طاعة بغير النبي الخ إلا أن يكون سقط من الناسخ بعض الكلم.
اسم الکتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى المؤلف : آل معمر، حمد بن ناصر الجزء : 1 صفحة : 44