اسم الکتاب : مجموع فتاوى ابن باز المؤلف : ابن باز الجزء : 1 صفحة : 134
تجاوز في الكرم الحد صار مسرفا، ولو تجاوز في الرحمة الحد عطل الحدود والتعزيرات الشرعية، وهكذا لو زاد في العفو على الحد الشرعي وضعه في غير موضعه، وهذه الأمثلة تدل على سواها، وقد نص العلامة ابن القيم رحمه الله على هذا المعنى في كتابيه: (عدة الصابرين) و (الوابل الصيب) ولعله نص على ذلك في غيرهما كـ (المدارج) و (زاد المعاد) وغيرهما، وإليك نص كلامه في العدة والوابل، قال في العدة صفحة 310: (ولما كان سبحانه هو الشكور على الحقيقة، كان أحب خلقه إليه من اتصف بصفة الشكر، كما أن أبغض خلقه إليه من عطلها، أو اتصف بضدها، وهذا شأن أسمائه الحسنى، أحب خلقه إليه من اتصف بموجبها، وأبغضهم إليه من اتصف بأضدادها، ولهذا يبغض الكافر والظالم والجاهل، والقاسي القلب والبخيل والجبان، والمهين واللئيم، وهو سبحانه جميل يحب الجمال، عليم يحب العلماء، رحيم يحب الراحمين، محسن يحب المحسنين، ستير يحب أهل الستر، قادر يلوم على العجز، والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف، فهو عفو يحب العفو، وتر يحب الوتر، وكل ما يحبه فهو من آثار أسمائه وصفته وموجبها، وكل ما يبغضه فهو مما يضادها وينافيها) .
وقال في (الوابل الصيب) صفحة 43 من مجموعة الحديث: (والجود من صفات الرب جل جلاله، فإنه يعطي ولا يأخذ، ويطعم ولا يطعم، وهو أجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، وأحب الخلق إليه من اتصف بمقتضيات صفاته، فإنه كريم يحب الكرماء من عباده، وعالم يحب العلماء وقادر يحب الشجعان، وجميل يحب الجمال) انتهى.
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية وحصول للفائدة، وأسأل الله سبحانه أن يوفقنا جميعا للفقه في دينه والقيام بحقه إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اسم الکتاب : مجموع فتاوى ابن باز المؤلف : ابن باز الجزء : 1 صفحة : 134