responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 359
إذْ الْمُتَبَادِرُ أَنَّ مُرَادَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا فِي خُصُوصِ هَذَا الْحُكْمِ فِسْقًا وَعِصْيَانًا فَهُوَ فَاسِقٌ مُتَجَاهِرٌ بِفِسْقِهِ فَيُؤَدَّبُ الْأَدَبَ الشَّدِيدَ وَيُسْجَنُ الزَّمَنَ الْمَدِيدَ حَتَّى يَرْتَدِعَ وَيَتُوبَ وَيَنْقَرِعَ وَلَمْ يَرْتَدَّ أَيْضًا مَنْ كَفَّرَهُ بِذَلِكَ وَهُوَ مُخْطِئٌ إمَّا جَاهِلٌ وَإِمَّا مُتَأَوِّلٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي بِنْتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ أَسْلَمَ أَبُوهُمَا مِنْ دِينِ النَّصَارَى ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَأَرَادَتْ أُمُّهُمَا إدْخَالَهُمَا فِي دِينِ النَّصَارَى وَرُفِعَتَا لِنَائِبِ قَاضٍ فَحَكَمَ بِإِسْلَامِهِمَا تَبَعًا لِأَبِيهِمَا وَسَجَّلَهُ فَحَضَرَ خَالُهُمَا نَصْرَانِيًّا وَسَبَّ النَّائِبَ وَبَصَقَ عَلَى وَجْهِهِ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَتَوَجَّهَ بِالْبِنْتَيْنِ لِقَاضِي الْوِلَايَةِ وَأَعْطَاهُ مَالًا كَثِيرًا جَامِعًا لَهُ مِنْ أَمْثَالِهِ وَسَأَلَهُ هَلْ هُمَا مُسْلِمَتَانِ أَوْ نَصْرَانِيَّتَانِ فَأَفْتَاهُ بِأَنَّهُمَا إنْ ارْتَدَّتَا لَا تُقْتَلَانِ وَمَكَّنَهُمَا مِنْ الرِّدَّةِ لِلنَّصْرَانِيَّةِ وَشَرَعَ خَالُهُمَا فِي تَزْوِيجِهِمَا لِذِمِّيَّيْنِ فَهَلْ حُكْمُ النَّائِبِ صَحِيحٌ وَمَا حُكْمُ مَا وَقَعَ مِنْ الْخَالِ وَالْقَاضِي.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَمَّا حُكْمُ النَّائِبِ بِإِسْلَامِهِمَا فَصَحِيحٌ إنْ كَانَتَا حِينَ حُكْمِهِ غَيْرَ مُرَاهِقَتَيْنِ لِلْبُلُوغِ وَإِلَّا فَلَا إذْ الْمُرَاهِقُ لَهُ حِينَ إسْلَامِ أَبِيهِ أَوْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِحَيْثُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَلَكِنْ لَا يُقَرُّ عَلَى الْكُفْرِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْحَبْسِ الْمَدِيدِ وَأَمَّا سَبُّ خَالِهِمَا النَّائِبَ وَبَصْقُهُ فِي وَجْهِهِ فَنَاقِضٌ لِعَهْدِهِ وَمُوجِبٌ لِتَخْيِيرِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي قَتْلِهِ وَاسْتِرْقَاقِهِ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ وَالْمَنِّ عَلَيْهِ وَالْفِدَاءِ بِهِ وَإِنْ اخْتَارَ الْمَنَّ عَلَيْهِ أَوْ رَدَّهُ لِلْجِزْيَةِ ضَرَبَهُ الضَّرْبَ الشَّدِيدَ وَحَبَسَهُ الْحَبْسَ الْمَدِيدَ رَدْعًا لَهُ وَلِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَأَمَّا فَتْوَى الْقَاضِي بِأَنَّهُمَا لَا تُقْتَلَانِ إنْ ارْتَدَّتَا فَخَطَأٌ صِرْفٌ فَإِنَّهُمَا إنْ كَانَتَا غَيْرَ مُرَاهِقَتَيْنِ حِينَ حَكَمَ النَّائِبُ بِإِسْلَامِهِمَا وَامْتَنَعَتَا مِنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ بُلُوغِهِمَا وَأَصَرَّتَا عَلَى عَدَمِهِ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قُتِلَتَا وَهَذِهِ ثَمَرَةُ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِمَا وَإِنْ كَانَتَا مُرَاهِقَتَيْنِ حِينَ حُكْمِ النَّائِبِ وَامْتَنَعَتَا مِنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَيْسَتَا مُرْتَدَّتَيْنِ فَلَا تُقْتَلَانِ إنْ أَصَرَّتَا عَلَى الْكُفْرِ وَلَكِنْ لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ وَيُجْبَرَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْحَبْسِ الْمَدِيدِ وَإِنْ ثَبَتَ عَلَى الْقَاضِي أَنَّهُ مَكَّنَهُمَا مِنْ إصْرَارِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ فَقَدْ ارْتَدَّ قَالَ عَبْدُ الْبَاقِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ وَحَكَمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ وَلَمْ يُغْفَلْ عَنْهُ حَتَّى رَاهَقَ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ قَبْلَ الْمُرَاهِقَةِ وَالْبُلُوغِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُنْيَةً فَقَطْ لَا جَدِّهِ أَوْ أُمِّهِ كَأَنْ مَيَّزَ مَنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ أَيْ عَقَلَ الْإِسْلَامَ دِينًا يَتَدَيَّنُ بِهِ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ مَنْ ذُكِرَ الْحُكْمُ بِرِدَّتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إنْ امْتَنَعَ إلَّا الْمُمَيِّزَ الْمُرَاهِقَ حِينَ إسْلَامِ أَبِيهِ وَإِلَّا الْمُمَيِّزَ أَوْ غَيْرَهُ الْمَتْرُوكَ لَهَا أَيْ لِلْمُرَاهَقَةِ أَيْ غُفِلَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِإِسْلَامِ أَبِيهِ كَالْمُرَاهِقِ حِينَ إسْلَامِ أَبِيهِ فَلَا يُجْبَرُ كُلٌّ بِقَتْلٍ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ بَلْ بِالضَّرْبِ فَقَطْ اهـ مُلَخَّصًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَالْأَصْحَابِ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ قَالَ يَغُورُ وَجْهُ رَبِّنَا لِأَجْلِ خَاطِرِ فُلَانٍ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ فَعَلْنَا مَعَ فُلَانٍ كَذَا قَاصِدِينَ الْمَعْرُوفَ وَمُرَاعِينَ وَجْهَ رَبِّنَا فَهَلْ هُوَ مُرْتَدٌّ أَمْ لَا؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: يُسْأَلُ الْقَائِلُ عَمَّا أَرَادَ بِالْوَجْهِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الذَّاتَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الثَّوَابَ أَوْ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا عُوقِبَ عِقَابًا شَدِيدًا وَحُبِسَ حَبْسًا مَدِيدًا كَمَا عُلِمَ مِنْ نَصِّ الْبُرْزُلِيِّ السَّابِقِ.

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست