responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 356
مُلَّاكِهَا إنْ شَاءُوا أَبْقَوْهَا وَإِنْ شَاءُوا أَمَاتُوهَا بِذَبْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يُسَلِّمْ وَطَلَبَ دَلِيلًا تَفْصِيلِيًّا عَلَى مُمَاثَلَتِهَا لِلْآدَمِيِّ فِي تَقْدِيرِ الْأَجَلِ فَهُوَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِتَكْذِيبِهِ الْقُرْآنَ الْعَزِيزَ وَإِنْكَارِهِ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8] قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ بِقَدْرٍ لَا يُجَاوِزُهُ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] فَإِنَّهُ تَعَالَى خَصَّ كُلَّ حَادِثٍ بِوَقْتٍ وَحَالٍ مُعَيَّنٍ وَهَيَّأَ لَهُ أَسْبَابًا مَسُوقَةً إلَيْهِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَاضِي النَّسَفِيُّ أَيْ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْأَجَلِ وَالْعَمَلِ فَلَا مَعْنَى لِاسْتِعْجَالِهِمْ بِالْعَذَابِ انْتَهَى.
وَقَالَ تَعَالَى {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ إحْدَاثًا مُرَاعًى فِيهِ التَّقْدِيرُ حَسَبَ إرَادَتِهِ كَخَلْقِهِ الْإِنْسَانَ مِنْ مَوَادَّ مَخْصُوصَةٍ وَصُوَرٍ وَأَشْكَالٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وَقَدَّرَهُ وَهَيَّأَهُ لِمَا أَرَادَ مِنْهُ مِنْ الْخَصَائِصِ وَالْأَفْعَالِ كَتَهْيِئَتِهِ الْإِنْسَانَ لِلْإِدْرَاكِ وَالْفَهْمِ وَالنَّظَرِ وَالتَّدْبِيرِ وَاسْتِنْبَاطِ الصَّنَائِعِ الْمُتَنَوِّعَةِ وَمُزَاوَلَةِ الْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ فَقَدَّرَهُ لِلْبَقَاءِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى انْتَهَى.
وَقَالَ النَّسَفِيُّ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَحْدَهُ لَا كَمَا تَقُولُ الْمَجُوسُ وَالثَّنَوِيَّةُ مِنْ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَيَزْدَانُ وَأَهْرَمَن وَالْمُعْتَزِلَةُ إنَّ الْأَفْعَالَ مَخْلُوقَةٌ لِلْعِبَادِ وقَوْله تَعَالَى - {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]- فَهَيَّأَهُ عَلَى مَا أَرَادَ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَوَحِّدُوهُ وَأَطِيعُوهُ فَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ وَالْمُلْكِ وَالْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّدْبِيرِ وَلَا تَكُونُوا كَالْمُشْرِكِينَ انْتَهَى.
وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ إنَّا خَلَقْنَا كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّرًا مُرَتَّبًا عَلَى مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ أَوْ مُقَدَّرًا مَكْتُوبًا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَبْلَ وُقُوعِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ النَّسَفِيُّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخَاصِمُونَهُ فِي الْقَدَرِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ» وَقَالَ أَنَسٌ سَمِعْت عُمَرَ يَحْلِفُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَدَرِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الْآيَةِ مَا كَانُوا وَلَيَكُونُنَّ بَعْدُ وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَيْلٌ لِأَهْلِ الْقَدَرِ إنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ فِي التَّوْرَاةِ إنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ إلَى قَوْلِهِ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ أَيْ بِتَقْدِيرٍ سَبَقَ فِي عِلْمِنَا وَإِرَادَتِنَا اهـ. وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [فاطر: 11] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَمَا يَمُدُّ فِي عُمُرِهِ مِنْ مَصِيرِهِ إلَى الْكِبَرِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ عُمُرِهِ مِنْ عُمُرِ الْمُعَمَّرِ لِغَيْرِهِ بِأَنْ يُعْطَى لَهُ عُمْرٌ نَاقِصٌ أَوْ لَا يُنْقَصُ مِنْ عُمْرِ الْمَنْقُوصِ عُمْرٌ بِجَعْلِهِ نَاقِصًا وَالضَّمِيرُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ لِدَلَالَةٍ مُقَابِلَةٍ عَلَيْهِ أَوْ الْمُعَمَّرِ عَلَى التَّسَامُحِ فِيهِ ثِقَةٌ بِفَهْمِ السَّامِعِ وَقِيلَ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي عُمْرٍ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ أَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ أُثْبِتَتْ فِي اللَّوْحِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إنْ حَجَّ عَمْرٌو فَعُمْرُهُ سِتُّونَ سَنَةً وَإِلَّا فَأَرْبَعُونَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالنُّقْصَانِ مَا يُسَمَّى مِنْ عُمُرِهِ وَيَتَبَعَّضُ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ فِي صَحِيفَةِ عُمُرِهِ يَوْمًا فَيَوْمًا.
وَعَنْ يَعْقُوبَ {وَلا يُنْقَصُ} [فاطر: 11] عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ {إِلا فِي كِتَابٍ} [فاطر: 11] هُوَ عِلْمُ اللَّهِ أَوْ اللَّوْحُ أَوْ الصَّحِيفَةُ انْتَهَى.
وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ وَشَاعَ فِي كَلَامِ الْعَوَامّ أَنَّهُ لَا يَنْكَسِرُ إنَاءٌ حَتَّى يَفْرُغَ عُمْرُهُ الْمُقَدَّرُ لَهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَا بَالُك بِالْحَيَوَانِ {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46] فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ بَسَطَ اللَّهُ تَعَالَى يَدَهُ بِالْحُكْمِ أَنْ يُجْرِيَ عَلَى هَذَا الْخَبِيثِ أَحْكَامَ الرِّدَّةِ لِيَرْتَدِعَ أَمْثَالُهُ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلدِّينِ الْمُسْتَقِيمِ،

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست