responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 351
لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا
الْأَبْيَاتَ الْمَعْرُوفَةَ وَزَادَ فِيهَا بَيْتَيْنِ مُشْتَمِلَيْنِ عَلَى صَرِيحِ الْكُفْرِ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَا حَكَاهُ سِبْطُهُ عَنْهُ لَيْسَ الْعَجَبُ مِنْ قِتَالِ ابْنِ زِيَادٍ لِلْحُسَيْنِ وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِنْ خِذْلَانِ يَزِيدَ وَضَرْبِهِ بِالْقَضِيبِ ثَنَايَا الْحُسَيْنِ وَحَمْلِهِ آلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَايَا عَلَى أَقْتَابِ الْجِمَالِ وَذِكْرِ أَشْيَاءَ مِنْ قَبِيحِ مَا اُشْتُهِرَ عَنْهُ وَحَمْلِهِ الرَّأْسَ إلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ وَمَا كَانَ مَقْصُودُهُ إلَّا الْفَضِيحَةَ وَإِظْهَارَ الرَّأْسِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُفْعَلَ هَذَا بِالْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ بَلْ يُكَفَّنُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيُدْفَنُونَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ أَحْقَادٌ جَاهِلِيَّةٌ وَأَضْغَانٌ بَدْرِيَّةٌ لَاحْتَرَمَ الرَّأْسَ لَمَّا وَصَلَ إلَيْهِ وَكَفَّنَهُ وَدَفَنَهُ وَأَحْسَنَ إلَى آلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَيْسَ بِكَافِرٍ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ الْمُوجِبَةَ لِلْكُفْرِ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا مِنْهَا شَيْءٌ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إسْلَامِهِ حَتَّى نَعْلَمَ مَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ وَمَا سَبَقَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ يُعَارِضُهُ مَا حُكِيَ أَنَّ يَزِيدَ لَمَّا وَصَلَ إلَيْهِ رَأْسُ الْحُسَيْنِ قَالَ رَحِمَك اللَّهُ يَا حُسَيْنٌ لَقَدْ قَتَلَك رَجُلٌ لَمْ يَعْرِفْ حَقَّ الْأَرْحَامِ وَتَنَكَّرَ لِابْنِ زِيَادٍ وَقَالَ قَدْ زَرَعَ لِي الْعَدَاوَةَ فِي قَلْبِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَلَمْ يَثْبُتْ مُوجِبُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ وَالْأَصْلُ إسْلَامُهُ فَنَأْخُذُ بِالْأَصْلِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَنَا مَا يُوجِبُ الْإِخْرَاجَ عَنْهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ إنَّ الطَّرِيقَةَ الثَّانِيَةَ الْقَوِيمَةَ فِي شَأْنِهِ التَّوَقُّفُ فِيهِ وَتَفْوِيضُ أَمْرِهِ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ الْعَالِمُ بِالْخَفِيَّاتِ الْمُطَّلِعُ عَلَى مَكْنُونِ السَّرَائِرِ وَهَوَاجِسِ الضَّمَائِرِ فَلَا يُتَعَرَّضُ لِتَكْفِيرِهِ أَصْلًا وَهَذَا هُوَ الْأَحْرَى وَالْأَسْلَمُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ فَاسِقٌ شِرِّيرٌ جَائِرٌ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِمًا بِالْقِسْطِ حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُ مَنْ يَثْلِمُهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ» .
وَأَخْرَجَ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «أَوَّلُ مَنْ يُبَدِّلُ سُنَّتِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ» وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ لِمَا قَدَّمْته أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَتْ خِلَافَتُهُ لَيْسَتْ كَخِلَافَةِ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَثْلِمُ أَمْرَ أُمَّتِهِ وَيُبَدِّلُ سُنَّتَهُ يَزِيدُ فَأَفْهَمَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَثْلِمْ وَلَمْ يُبَدِّلْ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ.
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ الْمَهْدَوِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ رَجُلًا نَالَ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِحَضْرَتِهِ فَضَرَبَهُ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ مَعَ ضَرْبِهِ لِمَنْ يُسَمِّي يَزِيدَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِشْرِينَ سَوْطًا فَفَرَّقَ مَا بَيْنَهُمَا وَكَانَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عِلْمٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا وَقَعَ مِنْ يَزِيدَ فَإِنَّهُ كَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ رَأْسِ السِّتِّينَ وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَتَوَفَّاهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَكَانَتْ وَفَاةُ مُعَاوِيَةَ وَوِلَايَةُ ابْنِهِ سَنَةَ سِتِّينَ وَقَالَ نَوْفَلُ بْنُ الْفُرَاتِ كُنْت عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرَ رَجُلٌ يَزِيدَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ تَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا وَلِإِسْرَافِهِ فِي الْمَعَاصِي خَلَعَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْوَاقِدِيُّ مِنْ طُرُقٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ قَالَ وَاَللَّهِ مَا خَرَجْنَا عَلَى يَزِيدَ حَتَّى خِفْنَا أَنْ نُرْمَى بِالْحِجَارَةِ مِنْ السَّمَاءِ كَانَ يَنْكِحُ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَدَعُ الصَّلَوَاتِ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ وَلَمَّا فَعَلَ يَزِيدُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ مَعَ شُرْبِهِ الْخَمْرَ وَإِتْيَانِهِ الْمُنْكَرَاتِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْبَأْسُ وَخَرَجَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَمْ يُبَارِكْ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ وَبَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى فِسْقِهِ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ لَعْنِهِ بِخُصُوصِ اسْمِهِ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 351
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست