responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 3
أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: مَكْرُوهٌ وَمُبَاحٌ، وَمُسْتَحَبٌّ، وَوَاجِبٌ
وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى حَالِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْعِشْرَةِ، وَحَالِ الزَّوْجَةِ فِي نَفْسِهَا مِنْ الصِّيَانَةِ، وَالْفَسَادِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْإِنْصَافِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مُؤَدٍّ لِحَقِّ صَاحِبِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ لَا يُفَارِقَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] الْآيَةَ فَنُدِبَ إلَى إمْسَاكِهَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا، وَالْحَدِيثُ «أَبْغَضُ الْحِلَالِ» إلَخْ، وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبٌ لِاطِّلَاعِ غَيْرِهِ عَلَيْهَا، وَاطِّلَاعِهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِمَايَةِ ذَلِكَ فَحَرَّمَ أَزْوَاجَهُ عَلَى غَيْرِهِ تَكْرِمَةً لَهُ فَكَانَ مِنْ مُرُوءَةِ الرَّجُلِ حِفْظُ هَذَا الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَدِّيَةٍ لِحَقِّهِ نَاشِزًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا غَيْرَ مَكْرُوهٍ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَيِّنَةٍ فِي نَفْسِهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ فِرَاقُهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ إلَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهَا نَفْسُهُ لِحَدِيثِ إنَّ زَوْجَتِي لَا تَرُدَّ يَدَ لَامِسٍ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ تُلْحِقَ بِهِ وَلَدَ غَيْرِهِ، وَإِنْ فَسَدَ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَا يَكَادُ يَسْلَمُ لَهُ دِينُهُ مَعَهَا، وَجَبَ الْفِرَاقُ إذَا لَمْ يَرْجُ صَلَاحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: 35] الْآيَةَ، وَزَادَ ابْنُ بَشِيرٍ قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ حَرَامًا، وَهُوَ إذَا خِيفَ مِنْ وُقُوعِهِ ارْتِكَابُ كَبِيرَةٍ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ عَلَاقَةٌ إنْ فَارَقَهَا خَافَ ارْتِكَابَ الزِّنَا قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا إلَيْهِ إنْ وَقَعَ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا لَا تَحْسُنُ بِهِ الصُّحْبَةُ، وَلَمْ يُؤَدِّ لِتَضْيِيعِ الْحُدُودِ، وَيَكُونُ مُبَاحًا إنْ خَافَ فَسَادَ الزَّوْجَةِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْفِرَاقُ، وَلَمْ تَتَشَوَّفْ نَفْسُهُ إلَيْهَا.
وَتَقَدَّمَ لِلَّخْمِيِّ أَنَّ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عَلَى الْعَكْسِ قَالَ، وَالْأَيْمَانُ بِالطَّلَاقِ مَمْنُوعَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَحْلِفُوا بِالطَّلَاقِ، وَلَا بِالْعَتَاقِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ» ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ، وَقَدْ يَحْنَثُ، وَهِيَ حَائِضٌ، وَقَدْ قِيلَ فِي أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] الْآيَةَ أَيْ لَا تُكْثِرُوا الْأَيْمَانَ بِاَللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَإِنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ لَا يَبَرُّ، وَلَا يَتَّقِي، وَعَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ اعْتَادَ الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا جُرْحَةٌ، وَلَا يَحْلِفُ بِذَلِكَ سُلْطَانٌ، وَلَا غَيْرُهُ وَيَنْهَى النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ، وَيُؤَدِّبُ مَنْ اعْتَادَ الْيَمِينَ بِهِ، وَيَزْجُرُهُ عَنْ إيقَاعِ الطَّلْقَتَيْنِ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْأَدَبَ قَالَهُ الرَّمَّاحُ اهـ مِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ هُوَ الْوَاقِعُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي نَدَبَ الشَّرْعُ إلَيْهِ وَشُرُوطُهُ: أَنْ يَكُونَ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ، وَلَا يُرْدِفَهَا بِطَلْقَةٍ أُخْرَى، وَقِيلَ: إنْ طَلَّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا مِنْ غَيْرِ رَجْعَةٍ فَهُوَ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ، وَلَا بِدْعَةَ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ فَإِذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: رَجْعِيٌّ وَمُمَلَّكٌ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ، وَثَلَاثٌ وَخُلْعِيٌّ.
فَأَمَّا الرَّجْعِيُّ فَيَلْزَمُ الزَّوْجُ فِيهِ، وَفِي السُّنِّيِّ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ لِلزَّوْجَةِ طُولَ الْعِدَّةِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَرِثَهُ الْآخَرُ، وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فِيهَا دُونَ إذْنِهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، فَإِنْ أَوْقَعَ هَذَا الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ، وَإِنْ أَوْقَعَهُ، وَهِيَ فِي حَالِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَيَجْبُرُهُ السُّلْطَانُ عَلَى الرَّجْعَةِ فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِهَا فَإِنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي حَالِ حَيْضٍ، وَادَّعَى الطُّهْرَ، وَأَكْذَبَتْهُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلَهُ: وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا، وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا حِينَ ارْتَفَعَا إلَى الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لَا قَوْلَهَا، وَذَكَر ابْنُ فَتْحُونٍ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ حَكَى عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ قَالَ: يَنْظُرُ إلَيْهَا النِّسَاءُ كَالْعُيُوبِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ فِي الْبَائِنَةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ إيقَاعُ الطَّلَاقِ فِي حَالِ الْحَيْضِ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ أَنْ خَلَا بِهَا دُون مَسِيسٍ بِمُوَافَقَتِهِمَا وَإِقْرَارِهِمَا بِذَلِكَ فَعَلَى الزَّوْجَةِ الْعِدَّةُ، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَكَذَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ الْوَطْءَ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 3
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست