responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 227
النَّاسُ أَغْنَامَهُمْ إلَيْهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا تَلِفَ مِنْهَا وَرَآهُ كَالصَّانِعِ وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ عَمَلٌ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْعَمَلِيَّاتِ الْفَاسِيَّةِ:
ضَمَانُ رَاعِ غَنَمِ النَّاسِ رَعَى ... أَلْحِقْهُ بِالصَّانِعِ فِي الْغُرْمِ تَعِ
قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّلْجِمَاسِيُّ فِي شَرْحِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ بِتَضْمِينِ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ لِمَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ عِنْدَهُ إلْحَاقًا لَهُ بِالصَّانِعِ الْمُجْمَعِ عَلَى ضَمَانِهِ لِمَصْنُوعِهِ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ رَاعِ غَنَمِ النَّاسِ أَيْ الَّذِي نَصَّبَ نَفْسَهُ لِرَعْيِ غَنَمِ كُلِّ مَنْ أَتَاهُ بِغَنَمِهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ خِلَافَ رَاعِي غَنَمٍ مَخْصُوصٍ أَوْ أُنَاسٍ مَخْصُوصِينَ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ غَنَمٌ وَمِثْلُهُ رَاعِي الْبَقَرِ وَرَاعِي الدَّوَابِّ وَالْأَصْلُ فِي الْأَجِيرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ رَاعٍ أَوْ غَيْرُهُ أَنَّهُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْأَئِمَّةُ وَضَمَّنُوهُ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ كَالصَّانِعِ.
وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّاعِيَ عَلَى أَصْلِ الْأَمَانَةِ مُشْتَرَكًا أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرُّعَاةِ إلَّا فِيمَا تَعَدَّوْا عَلَيْهِ أَوْ فَرَّطُوا فِيهِ فِي جَمِيعِ مَا رَعَوْهُ مِنْ الْغَنَمِ وَالدَّوَابِّ لِأُنَاسٍ شَتَّى أَوْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَا يَضْمَنُ مَا سُرِقَ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ضَيَّعَ لِتَفْرِيطٍ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْيَمِينُ اهـ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مَنْقُولٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ نَقْلًا عَنْ الْوَاضِحَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّاعِي الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ سُقُوطُ الضَّمَانِ عَنْهُ فَعَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ كُلُّ رَاعٍ مُشْتَرَكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطْ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ إنَّهُ الرَّاعِي الَّذِي لِرَجُلٍ خَاصٍّ فَأَمَّا الْمُشْتَرَكُ فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْمَخْرَجِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَخْذُ بِهَذَا الْقَوْلِ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالصَّانِعِ الَّذِي أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ عَلِمْت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَضْمِينِهِ وَكَذَلِكَ رَاعِي الدَّوَابِّ الَّذِي تُجْمَعُ إلَيْهِ بِحِرَاسَتِهَا فِي رَعْيِهَا عَلَى أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ دَابَّةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ يَوْمٍ انْتَهَى.
وَلَمَّا عَدَّ فِي التُّحْفَةِ الرَّاعِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُمَنَاءِ الَّذِينَ لَا يَضْمَنُونَ شَرَحَهُ الشَّيْخُ مَيَّارَةَ بِبَعْضِ كَلَامِ ابْنِ سَلْمُونٍ الْمُتَقَدِّمِ فَكَتَبَ عَلَيْهِ سَيِّدِي يَعِيشُ الشَّاوِيُّ فِي طُرَرِهِ مَا نَصُّهُ قُلْتُ بِهَذَا الْقَوْلِ يَعْنِي قَوْلَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ وَقَوْلُهُ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ يَعْنِي فِي بَلَدِ ابْنِ سَلْمُونٍ وَهِيَ الْأَنْدَلُسُ وَقَدْ نَقَلَ الشَّارِحُ فِي أُصُولِ الْفُتْيَا أَنَّ الْمُشْتَرَكَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّانِعِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْيَزْنَاسِيُّ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ كُنْت فِي زَمَنِ وِلَايَتِي بِتِلْمِسَانَ كَثِيرًا مَا أَحْكُمُ بِتَضْمِينِ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ عِنْدَمَا يَظْهَرُ لِي مَخَايِلُ كَذِبِ الرُّعَاةِ وَتَعَدِّيهِمْ وَتَفْرِيطِهِمْ وَذَلِكَ غَالِبُ أَحْوَالِهِمْ وَرَأَى أَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ تَضْمِينِهِمْ يُؤَدِّي إلَى تَلَفٍ كَثِيرٍ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ لِاضْطِرَارِهِمْ إلَيْهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ
وَاعْتَمَدَ
فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الَّتِي مِنْ أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ مُرَاعَاتُهَا وَنَقَلَ الْقَلْشَانِيُّ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ نَصْرٍ رَجَعَ إلَى تَضْمِينِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ حَيْثُ كَثُرَ شَاكُوهُ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْيَزْنَاسِيُّ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ الْحَمَّامِيِّ بِاعْتِبَارِ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ بَلْ هِيَ فِي الرَّاعِي أَحَقُّ بِالْمُرَاعَاةِ ثُمَّ قَالَ فَالرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ أَوْلَى بِالْقَوْلِ الشَّاذِّ مِنْ الْحَمَّامِيِّ انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّادَلِيُّ وَالْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ عَدَمُ ضَمَانِ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ كَثْرَةُ خِيَانَةِ الرُّعَاةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ هُوَ ضَمَانُهُ وَهُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ فِيهِ وَفِي سِمْسَارِ الدَّوَابِّ اهـ.
وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ الْوَنْشَرِيسِيُّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِذَلِكَ إنْكَارًا شَدِيدًا وَأَلَّفَ فِيهِ تَأْلِيفًا سَمَّاهُ: إضَاءَةُ الْحَلِكِ وَالْمَرْجِعُ لِلدَّرَكِ عَلَى مَنْ أَفْتَى مِنْ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 227
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست