responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 136
مَا قَوْلُكُمْ) فِي مَدِينٍ وَهَبَ لِرَبِّ الدَّيْنِ رُبْعَ مَرْكَبٍ وَحَازَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ طَلَب رَبُّ الدَّيْنِ دَيْنَهُ وَخَلَّصَهُ بِالشَّكْوَى وَالتَّعْيِينِ فَرَجَعَ الْوَاهِبُ فِي رُبْعِ الْمَرْكَبِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَهَلْ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ مَا غَرِمَهُ لِلْمَدِينِ بِالشَّكْوَى وَإِنْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ حَقٌّ شَرْعِيٌّ بِبَيِّنَةٍ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ مَالِكِيٌّ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْبَسْيُونِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الشَّكْوَى تَلْزَمُ الشَّاكِيَ، وَجَمِيعُ مَا غَرِمَهُ صَاحِبُ رُبْعِ الْمَرْكَبِ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لَهُ شَرْعًا وَعَلَيْهِ دَفْعُ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِذِمَّتِهِ الَّذِي تَشْهَدُ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَحَيْثُ أَمَرَهُ الْمُسْقِطُ أَنْ يُسْقِطَ رُبْعَ الْمَرْكَبِ لِرَجُلٍ آخَرَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِهِ وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ الْعَمَلُ بِذَلِكَ وَمَنْعُ الْمُعَارِضِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَأَجَابَ حَنَفِيٌّ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الرَّجُلِ دَفْعُ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ الَّذِي بِذِمَّتِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَلْزَمُهُ الشَّكْوَى وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي رُبْعِ الْمَرْكَبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَشَافِعِيٌّ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ الْقَيْسِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا رُجُوعَ لِلْوَاهِبِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَوْهُوبِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ وَالِدًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُقْضَى عَلَى الْوَاهِبِ بِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا بِغَيْرِ مُقَابِلٍ فَلَا لَوْمَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
قُلْت أَمَّا فَتْوَى الْمَالِكِيِّ فَهِيَ خَطَأٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْمَدِينِ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ بَيْعٍ لِرَبِّ الدَّيْنِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الرِّبَا أَمَّا فِي الْقَرْضِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَلِأَنَّهَا رُبَّمَا حَمَلَتْ الْبَائِعَ عَلَى تَأْخِيرِ الدَّيْنِ عَنْ أَجَلِهِ وَهُوَ تَسْلِيفٌ بِنَفْعِ الْهِبَةِ فَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ رَدُّ رُبْعِ الْمَرْكَبِ لِلْمَدِينِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتِهِ إنْ فَاتَ وَيَجِبُ عَلَى الْمَدِينِ دَفْعُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِرَبِّهِ وَإِنْ أَمْكَنَ رَبَّ الدَّيْنِ تَخْلِيصُ حَقِّهِ عِنْدَ حَاكِمٍ لَا يَظْلِمُ وَاشْتَكَاهُ لِظَالِمٍ أَخَذَ مِنْهُ زِيَادَةً عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ قَدْرَ أُجْرَةِ الْعَوْنِ ضَاعَ عَلَى الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ بِالْمَطْلِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَيْهَا فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَبَّ الدَّيْنِ تَخْلِيصُ حَقِّهِ إلَّا عِنْدَ الظَّالِمِ ضَاعَ الزَّائِدُ عَلَى الْمَدِينِ مُطْلَقًا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَحَرَّمَ هَدِيَّتَهُ الْخَرَشِيُّ الضَّمِيرُ لِلْمِدْيَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ هَدِيَّةً وَيَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى التَّأْخِيرِ بِزِيَادَةٍ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ هَدِيَّةُ الْمِدْيَانِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُقْتَرِضًا أَيْ آخِذًا لِلْقَرْضِ بَلْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَدِينًا فَيَشْمَلُ مَدِينَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْقَرْضِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَجَبَ رَدُّهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَقِيمَتِهَا يَوْمَ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً اهـ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ فِي أَجْوِبَتِهِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْأَشْيَاخُ فِي الشِّكَايَةِ أَنَّ مَنْ شَكَا لِظَالِمٍ، أَوْ دَلَّهُ عَلَى مَالٍ فَأَخَذَهُ الظَّالِمُ فَالضَّمَانُ ابْتِدَاءً عَلَى الظَّالِمِ لِمُبَاشَرَتِهِ لِلْأَخْذِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الظَّالِمِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ الشَّاكِي؛ لِأَنَّ الشَّكْوَى لِلظَّالِمِ ظُلْمٌ وَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فَلْيَطْلُبْهُ عِنْدَ مَنْ لَا يَظْلِمُ وَمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَإِنْ ظَلَمَ فَرْضًا لَا يَظْلِمُ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مَا عَلَيْهِ نَعَمْ ذَكَرُوا أَنَّ أُجْرَةَ الْعَوْنِ وَهُوَ رَسُولُ الْقَاضِي عَلَى الظَّالِمِ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ ظُلْمُهُ بِمَطْلِهِ مَثَلًا وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الْجَزَاءِ ظُلْمٌ لَا يَجُوزُ اهـ.
وَأَمَّا فَتْوَى الْحَنَفِيِّ وَالشَّافِعِيِّ فَيُرْجَعُ فِيهِمَا لِمَذْهَبِهِمَا وَيُنْظَرُ هَلْ هُمَا كَفَتْوَى الْمَالِكِيِّ، أَوْ لَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 2  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست