responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 76
الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ قَوَاعِدِ شِهَابِ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا يَكْشِفُ الْغُمَّةَ وَيَشْفِي الْغَلِيلَ وَمِنْهَا وَمِمَّا قَدَّمْنَاهُ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمِ جَرَاءَةِ أَهْلِ هَذَا الْوَقْتِ عَلَى الْفَتْوَى وَتَحَامُلِهِمْ عَلَى الْمَذْهَبِ بِمَا تَأْبَاهُ الدِّيَانَةُ وَالتَّقْوَى عَصَمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ مِنْ مُتَابَعَةِ الْهَوَى وَمَنَّ عَلَيْنَا وَإِيَّاكُمْ بِجَنَّةِ الْمَأْوَى. وَلْنَرْجِعْ بَعْدَ تَحْصِيلِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ الشَّافِيَةِ الْجَامِعَةِ الْكَافِيَةِ إلَى تَتَبُّعِ أَلْفَاظِ السُّؤَالِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْمَبَاحِثِ وَالْأَقْوَالِ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ نَعْتَصِمُ مِنْ كُلِّ مَا يَصِمُ: أَمَّا قَوْلُكُمْ فَهَلْ يَجُوزُ لِهَذَا الْمُقَلِّدِ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَ الْمَشْهُورِ فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ يُفْتِيَ بِهِ بِقَصْدِ التَّوْسِعَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» وَلَفْظُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ» وَالْأَخْذُ بِالرُّخَصِ مَحْمُودٌ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُقَلِّدَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ الْأَرْجَحِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ وَيَقْتَصِرَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَالْعَمَلِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الْقَاضِي الْمُحَقِّقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ التُّونُسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الشَّاذَّ وَيَعْمَلَ بِهِ فَإِنَّهُ قَالَ الْقَوْلُ الشَّاذُّ قَدْ يَنْصُرُهُ الْفَقِيهُ وَيَخْتَارُهُ وَيُقَلِّدُهُ الْعَامِّيُّ انْتَهَى.
وَلَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ كُلُّ مَا قَالَ رَجُلٌ قَوْلًا وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ يُتَّبَعُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18] قَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَإِنْ قَالَ قُصُورِي وَقِلَّةُ عِلْمِي تَحْمِلُنِي عَلَى التَّقْلِيدِ قِيلَ لَهُ أَمَّا مَنْ قَلَّدَ فِيمَا نَزَلَ بِهِ مِنْ أَحْكَامِ شَرِيعَتِهِ عَالِمًا يُتَّفَقُ لَهُ عَلَى عِلْمِهِ فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ عَمَّا يُخْبِرُهُ بِهِ فَمَعْذُورٌ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَأَدَّى مَا لَزِمَهُ فِيمَا نَزَلَ بِهِ لِجَهْلِهِ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَقْلِيدِ عَالِمٍ فِيمَا جَهِلَهُ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْمَكْفُوفَ يُقَلِّدُ مَنْ يَثِقُ بِخَبَرِهِ فِي الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَتَهُ هَلْ تَجُوزُ لَهُ الْفَتْوَى فِي شَرَائِعِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَحْمِلُ غَيْرَهُ عَلَى إبَاحَةِ الْفُرُوجِ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَاسْتِرْقَاقِ الرِّقَابِ وَإِزَالَةِ الْأَمْلَاكِ وَتَصْيِيرِهَا إلَى غَيْرِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ بِقَوْلٍ لَا يَعْرِفُ صِحَّتَهُ وَلَا قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّ قَائِلَهُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَأَنَّ مُخَالِفَهُ فِي ذَلِكَ رُبَّمَا كَانَ الْمُصِيبَ بِمَا خَالَفَهُ فِيهِ
فَإِنْ أَجَازَ الْفَتْوَى لِمَنْ جَهِلَ الْأَصْلَ وَالْمَعْنَى بِحِفْظِهِ لِلْفُرُوعِ لَزِمَهُ أَنْ يُجِيزَهُ لِلْعَامَّةِ وَكَفَى بِهَذَا جَهْلًا وَقَدْ وَرَدَ الْقُرْآنُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَقَالَ تَعَالَى {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28] وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَا لَمْ يُتَبَيَّنْ وَلَا يُسْتَيْقَنُ فَلَيْسَ بِعِلْمٍ وَإِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا انْتَهَى فَتَأَمَّلْ قَوْلَ أَبِي عُمَرَ وَلَكِنْ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ فَإِنَّ فِيهِ دَلِيلًا وَاضِحًا أَنَّ مَنْ ذَكَرْت

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست