responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 70
بِالْإِنْفَاقِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَمْ تَفْهَمْ الْمَرْأَةُ قَوْلَهُ فَأَعَادَتْ، وَقَالَتْ رَجُلٌ لَهُ زَوْجَةٌ لَا هُوَ مُمْسِكُهَا وَلَا هُوَ مُطَلِّقُهَا، فَقَالَ لَهَا يَا هَذِهِ قَدْ أَجَبْتُكِ عَنْ مَسْأَلَتُكِ وَأَرْشَدْتُكِ إلَى طَلِبَتِكِ وَلَسْتُ بِسُلْطَانٍ فَأَمْضِيَ وَلَا قَاضٍ فَأَقْضِيَ وَلَا زَوْجٍ فَأُرْضِيَ فَانْصَرِفِي فَانْصَرَفَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ تَفْهَمْ جَوَابَهُ وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْمُفْتِي يُخْبِرُ الْمُسْتَفْتِيَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.
فَأَجَابَ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْمُسْتَفْتِيَ إذَا اسْتَفْتَى الْمُفْتِيَ فَيُخْبِرُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ لِنَفْسِهِ فِي أَيِّ الْأَقْوَالِ شَاءَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ أَبَا مُصْعَبٍ وَابْنَ وَهْبٍ فِي مَجْلِسٍ وَغَيْرَهُمَا كَذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَقْصِدَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَيَسْأَلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ بِقَوْلِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَهُمْ أَحْيَاءٌ أَوْ يَخْتَارَ مَا ثَبَتَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ قُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ فِي ذَلِكَ قَالَ أَمَّا مَنْ فِيهِ فَضْلُ الِاجْتِهَادِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ لِنَفْسِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلُ الِاخْتِيَارِ قَلَّدَ رَجُلًا يَقْوَى فِي نَفْسِهِ فَاخْتِيَارُ الرَّجُلِ كَاخْتِيَارِ الْقَوْلِ انْتَهَى.
قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ الْمَيِّتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَحَكَى الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَذَاهِبَ لَا تَمُوتُ بِمَوْتِ أَصْحَابِهَا، وَلِهَذَا يُعْتَدُّ بِهَا عِنْدَهُمْ فِي الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ، وَقَالَ شَرَفُ الدِّينِ التِّلْمِسَانِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ وَلَا هُوَ مَذْهَبٌ لَهُ وَلَا يَنْسُبُ لَهُ قَوْلًا فِي الْحَالِ وَفَائِدَةُ تَدْوِينِ الْمَذَاهِبِ وَنَقْلُ الْأَقْوَالِ مَعْرِفَةُ طُرُقِ الْإِرْشَادِ وَكَيْفِيَّةِ بِنَاءِ الْحَوَادِثِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَمَعْرِفَةُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ انْتَهَى.
قُلْت وَبَعْدَ تَسْلِيمِ الْقَوْلِ أَيْضًا بِجَوَازِ فُتْيَا مَنْ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ الشَّائِعُ الْفَاشِي فِي زَمَانِنَا هَذَا وَقَبْلَهُ إذْ لَا مُجْتَهِدَ فِيهِ فِيمَا بَلَغَنَا وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَآفَاقِ الْبِلَادِ وَالْمُخْتَارُ إنْ كَانَ مُطَّلِعًا عَلَى مَآخِذِ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ أَهْلًا لِلنَّظَرِ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى التَّفْرِيغِ عَلَى تِلْكَ الْمَآخِذِ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ وَالْمُنَاظَرَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ وَإِلَّا فَلَا وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ شَرْحِ التَّلْقِينِ لِلْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي يُفْتِي فِي هَذَا الزَّمَانِ أَقَلُّ مَرَاتِبِهِ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَبْحَرَ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى رِوَايَاتِ الْمَذْهَبِ وَتَأْوِيلِ الْأَشْيَاخِ لَهُمَا وَتَرْجِيحِهِمْ لِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ اخْتِلَافِ ظَوَاهِرَ وَاخْتِلَافِ مَذَاهِبَ وَتَشْبِيهِهِمْ مَسَائِلَ قَدْ سَبَقَ إلَى النَّفْسِ تَبَاعُدُهَا وَتَفْرِيقُهُمْ بَيْنَ مَسَائِلَ وَمَسَائِلَ قَدْ يَقَعُ فِي النَّفْسِ تَقَارُبُهَا وَتَشَابُهُهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا بَسَطَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فِي كُتُبِهِمْ وَأَشَارَ إلَيْهِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ؛ فَهَذَا لِعَدَمِ النُّظَّارِ يَقْتَصِرُ عَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ اهـ.

وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ الصِّرْفُ الْعَاجِزُ عَنْ مَدَارِكِ التَّرْجِيحِ وَأَدِلَّةِ التَّشْهِيرِ وَالتَّصْحِيحِ وَهَذَا الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ غَرَضُ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست